14 أغسطس 2011

نــُــــتـــَــف 4 (ألهاكـــُـمُ التـَّـفاخـُرُ – ج 3 والأخير)

انتهى الجزء الثاني من هذه القصة عندما قال الرجل إنه لا ينتمي إلى بني أمية وإنما إلى بني هاشم ورد الجارية الذكية عليه فأعاد النظر بانتمائه إلى بني هاشم...
قال: لا والله ما أنا من بني هاشم، قالت: فممن أنت؟ قال: رجل من همدان، قالت: أتعرف الذي يقول:
إذا همدان دارت يوم حرب ...... رحاها فوق هامات الرجال
رأيــتــهم يحــثـــون المــطــايـــا ..... سراعـــاً هاربــيــن من القتال
قال: لا والله ما أنا من همدان، قالت، فممن أنت؟ قال: رجل من قـُضاعة، قالت: أتعرف الذي يقول:
لا يفخرنَّ قضاعيّ بأسرته .... فليس من يَمَنٍ محضاً ولا مـُضـَر
مذبذبين فلا قحطان والدهم .... ولا نزار، فخلوهم إلى سقر
قال: لا والله ما أنا من قضاعة، قالت: فممن أنت؟ قال: رجل من شيبان، قالت: أتعرف الذي يقول:
شيبان قوم لهم عديدٌ .... فكلهم مقرف لئيم
ما فيهم ماجدٌ حسيب .... ولا نجيب ولا كريم
قال: لا والله ما أنا من شيبان، قالت: فممن أنت؟ قال: رجل من بني نـُمـَيـْر، قالت: أتعرف الذي يقول:
فغضّ الطرف إنك من نمير ..... فلا كعباً بلغت ولا كِلابا
فلو وُضِعَت فِقاحُ بني نمير .... على خَـبـَـثِ الحديد إذاً لذابا
قال: لا والله ما أنا من نمير، قالت: فممن أنت؟ قال: أنا رجل من تغلب، قالت: أتعرف الذي يقول:
لا تطلبنّ خؤولة في تغلب ..... فالزنج أكرمُ منهم أخوالا
والتغلبي إذا تنحنح للقِرى ..... حكَّ اسـْتـَــه وتمثَّل الأمثالا
قال: لا والله ما أنا من تغلب، قالت: فممن أنت؟ قال: رجل من مجاشع، قالت: أتعرف الذي يقول:
تبكي الـمُـغــِـيبــَـــة من بنات مـُجاشع .... ولها إذا سُـمِـعت نهيقُ حمار
قال: لا والله ما أنا من مجاشع، قالت: فممن أنت؟ قال: رجل من كلب، قالت: أتعرف الذي يقول:
فلا تقربا كلباً ولا باب دارها .... فما يطمع الساري يرى ضوء نارها
قال: لا والله ما أنا من كلب، قالت: فممن أنت؟ قال: أنا رجل من تَـيْـم، قالت: أتعرف الذي يقول:
تيمية مثل أنف الفيل مقبلها .... تهدى الرحا ببنان غير مخدوم
قال: لا والله ما أنا من تيم، قالت: فممن أنت؟ قال: رجل من جَـرْم، قالت: أتعرف الذي يقول:
تـُـــمـنـّـيني سويقَ الكرْم جرمٌ .... وما جرم وما ذاك السويق
فما شربوه لما كان حلاًّ .... ولا غالوا به في يوم سوق
فلما أنزل التحريم فيها .... إذا الجرمي منها لا يفيق
قال: لا والله ما أنا من جرم، قالت: فممن أنت؟ قال: رجل من سليم، قالت: أتعرف الذي يقول:
إذا ما سليم جئتها لغدائها ..... رجعت كما قد جئت غرثان جائعا
قال: لا والله ما أنا من سليم، قالت: فممن أنت؟ قال: رجل من الموالي، قالت: أتعرف الذي يقول:
ألا من أراد الفحش واللؤم والخنا ..... فعند الموالي الجــِــيدُ والطّرفانِ
قال: أخطأت نسبي ورب الكعبة، أنا رجل من الخوز، قالت: أتعرف الذي يقول:
لا بارك الله ربي فيكم أبداً ..... يا معشر الخوز، إن الخوز في النار
قال: لا والله ما أنا من الخوز، قالت: فممن أنت؟ قال: أنا رجل من أولاد حام، قالت: أتعرف الذي يقول:
لا تنكحن أولاد حام، فإنهم ..... مشاويه خلق الله حاشا ابن أكوع
قال: لا والله ما أنا من ولد حام، لكني من ولد الشيطان الرجيم، قالت: فلعنك الله ولعن أباك الشيطان معك، أفتعرف الذي يقول:
ألا يا عباد الله هذا عدوكم ..... وهذا عدو الله إبليس فاقتلوا
فقال لها: هذا مقام العائذ بك، قالت: قم فارحل خاسئاً مذموماً، وإذا نزلت بقوم فلا تنشد فيهم شعراً حتى تعرف من هم، ولا تتعرض للمباحث عن مساوئ الناس، فلكل قوم إساءة وإحسان، إلا رسول رب العالمين، ومن اختاره الله على عباده، وعصمه من عدوه، وأنت كما قال جرير للفرزدق:
وكنتَ إذا حللتَ بدار قوم .... رحلتَ بخزيةٍ وتركت عارا
فقال لها: والله لا أنشدت بيت شعر أبداً.
فقال السفاح: لئن كنت عملت هذا الخبر ونظمت فيمن ذكرت هذه الأشعار فلقد أحسنت، وأنت سيد الكاذبين، وإن كان الخبر صدقا وكنت فيما ذكرته محقاً فإن هذه الجارية العامرية لمن أحضر الناس جواباً، وأبصرهم بمثالب الناس.
قال المسعودي: وللسفاح أخبار غير هذه وأسمار حسان قد أتينا على مبسوطها في كتابينا أخبار الزمان والأوسط.

ليست هناك تعليقات: