29 أبريل 2010

لنرى ماذا سيحدث... عزيز نيسن


قصة من قصص عزيز نيسن... ونيسن عجيب بأسلوبه الساخر الجميل ونهاياته غير المتوقعة..
وهذي قصة من قصصه بعنوان (لنرى ما سيحدث) وهي ضمن مجموعته القصصية المعنونة ب(لن نتطور أبدا) ترجمة محمد مولود فاقي.. وعلشان ما نطول وايد نختصر من مقدمة القصة...: (بالمناسبة عدد الكلمات بعد الاختصار 1621 كلمة علشان اللي ما يحب البوستات الطويلة لا يكمل قراءة)... هذا للعلم والتنبيه...

مجموعة من المتقاعدين في مقهى على مضيق البوسفور، قريبا من البحر الأسود من ناحية آسيا.
يتناقشون في كل الأمور، عن طبيعة الحياة في هذه الأيام وارتفاع الأسعار بالإضافة إلى هموم الدولة والوطن مثل كل يوم والمشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكل واحد منهم يدلي بدلوه، وكانوا يسألون بعضهم كل يوم، نفس السؤال الذي لا يملكون إجابة عليه: إذن ماذا سيحدث؟ لننتظر ونشاهد.. ماذا سيحدث؟.. وهكذا دواليك، وفي يوم من الأيام، قال أحد المتقاعدين وهو عجوز تجاوز السبعين من عمره (( وهني أنقل القصة كما كتبها عزيز نيسن)) :


لقد ذكرتموني بقصة جرت مع أحد أقربائي، وأنتم ترددون ماذا سيحدث.
اتجهت الأنظار نحوه وسألوه بلهفة عما جرى لقريبه. وبدأ العامل المتقاعد العجوز يقص عليهم القصة الآتية:
ربما تتذكرون الضائقة التي مرت بها الحكومة منذ فترة عندما قررت بيع هضاب البوسفور الرائعة. في ذلك الوقت، ظهر على المسرح ثري كبير، واسمه أبو الفاتك المشكي. كان هذا الثري قد اشترى إحدى الهضاب الجميلة التي لا يرتوي الإنسان من النظر إليها أبدا لجمالها الرائع.
وكان من المقرر أن يشيد فوقها قصرا أو ما شابه ذلك. وما لبث أبو الفاتك المشكي هذا أن أخذ قرار ثانيا وهو الزواج بفتاة تركية جميلة. الفتاة التركية غير معروفة، ولكن يكفي أن تكون تركية، وبالطبع جميلة وفق المقاييس المتعارف عليها.
بدأ السمسار الذي اشترى الهضاب لأبي الفاتك هذه المرة بالبحث عن فتاة طبقا للمواصفات المطلوبة. ينبغي أن تكون شابة جميلة وبكرا ويجب أن لا تكون يدها قد لمست يد رجل. وفوق ذلك يجب أن تكون بريئة للغاية.
طبعا ليس من السهولة إيجاد فتاة بهذه الشروط في استطنبول، وفي هذه الأيام بالذات. ولكن الأمر ليس صعبا على أبي الفاتك، لابد أنه سيجد طلبه، لأنه يملك المال الكثير. لنترك السماسرة يبحثون عن الفتاة ولنعد نحن إلى أبي الفاتك الذي بدأ يتعلم اللغة التركية ليستطيع أن يتلاءم ويتناقش مع زوجته التركية في المستقبل القريب. على الأقل كلمات قليلة مثل... نامي... انهضي... تمددي... دوري إلى ما هنالك من الكلمات المتداولة.
أحضروا لأبي الفاتك فتيات كثيرات إلا أنه رفضهن لعدم إعجابه بهن. كانت رغبته الحصول على فتاة بشرتها بيضاء كالحليب، وجسمها طري كالمعجون، وحوضها عريض، ناعمة كقطعة الراحة اللذيذة. في النهاية أعجبته إحدى الفتيات، ومن هنا تمت معرفتنا به.
جميع الصفات التي طلبها أبو الفاتك: عمرها سبعة عشر عاما. تخرجت من دورة لتعليم القرآن... بيضاء اللون... حوضها نافر من الجانبين.. ومن ناحية البراءة فهي بريئة حتى الحماقة أو أكثر. وإذا رأيتهم أبو الفاتك هذا فإن شفاهكم سترتجف من الخوف. إنه قبيح بشكل يدعو للاشمئزاز ثم أن عمره أكبر من عمر والد الفتاة بكثير.
وقد اندهش أحد الذين شاهدوا تمثال القبح هذا اندهاشا عظيما. فرفع يده على صدره وضربها بشدة، وهو يقول :"أيها الإله الذي أقدم نفسي قربانا له. إنك على كل شيء قدير"..
وبما أن عدد نسائه غير معروف، فإنه لم يسجل هذه الفتاة رسميا على اسمه، بل تزوجها بعقد نكاح خارجي المهم في الأمر أنه تزوجها والسلام.
لقد أصبحت الفتاة البريئة سعيدة في منزلها الجديد، لأنها خرجت من عائلة فقيرة.. محرومة، لم تعرف من نعيم الحياة شيئا في بيت أبيها. وعندما تزوجت الحياة الجديدة، أحست بالسعادة تملأ كيانها.
وبما أن اسم زوجها أبو الفاتك المشكي طويل وصعب، فإن أسرتها اختصرت من اسمه وأصبحت تناديه السيد فاتك. وهكذا احتفظوا بجزء من اسمه إلى حد ما.
وكان للفتاة شقيق يصغرها بستة أعوام. أصبح ينادي صهره دائما عمو فتيق لأنه لا يستطيع لفظ كلمة فاتك فحورها إلى /فتيق/. وكان عمو فتيق قد اشترى شقة كبيرة وجميلة في حي /نيشان طاشي/ سجلها باسم زوجته الصغيرة. وقد ذهبنا أنا وزوجتي لزيارتهم مرتين هناك. وتعرفنا على عمو فتيق في منزله أثناء الزيارة.
ومرت أيام. ولكن ما حصل بعد ذلك قصته علي زوجتي. وهي بدورها سمعته على لسان زوجة فتيق الشابة شخصيا.
كان عمو فتيق يغار كثيرا على زوجته الصغيرة والجميلة، حيث منعها من زيارة منازل أقربائه. وأرغمها على الخروج من المنزل بالعباءة والشرشف، كل هذا حسن، ولكن الفتاة كانت تشعر بالملل عندما يكون عمو فتيق خارج المنزل. ولكي يعطي للناس صورة حسنة عن شخصيته، كان يحاول جاهدا على عدم إظهار الأمر، وكأنه نوع من السجن للفتاة وأنه يثق بزوجته كسائر الأزواج.
وانطلاقا من هذا المبدأ الذي أظهره للناس ولنفسه وحيث أنه سيغيب عن منزله يومين كاملين. فقد سمح لزوجته الشابة الخروج للسوق لشراء الأغراض لمنزلها. شرط أن لا تبتعد عن المنزل. فرحت الفتاة الشابة كثيرا. ولكنها ماذا ستفعل وحدها في الخارج. سألت زوجها إذا كان باستطاعتها الدخول إلى السينما. عندها فكر عمو فتيق طويلا. فإعطاء القرار ليس سهلا.
إذا قال لها لا تذهبي.. عندها يفسر موقفه بأنه نوع من الضغط عليها، وفي الوقت نفسه ليس من السهل عليه أيضا أن يقول لها : اذهبي. ومن غير اللائق الذهاب معها.. في النهاية قال لها: نعم أسمح لك بالذهاب. ولكن يجب أن أشاهد الفيلم قبلك.
جهد عمو فتيق على مشاهدة جميع الأفلام التي كانت تعرض آنذاك في دور السينما القريبة من المنزل. فاختار فيلما واحدا يلائم زوجته لتراه وهو فيلم محلي بعنوان (عدالة عمر بن الخطاب).. قال لزوجته: يمكنك الذهاب إلى السينما يا نجمية (اسم الزوجة الشابة) لمشاهدة الفيلم الذي اخترته لك.
بدا عمو فتيق مسرورا جدا لما فعله. وعندما عاد بعد يومين إلى المنزل، أوه الشكر لله إن نجمية في المنزل.
- نجمية.
- أفندم.
- ماذا فعلت في غيابي؟
تبدأ نجمية بسرد حكايتها بحرارة. آه لا تسألني...
((كيف لا أسألك وأنا أنفجر شوقا للاستماع)).
- ماذا حصل يا نجمية؟
- لقد احترت كثيرا بما حصل معي.
- ماذا جرى لك؟
وتقص نجمية ما جرى لها ببراءتها المعهودة.
- لبست عباءتي وغطائي للذهاب إلى السينما التي سمحت لي بالدخول إليها.
- جميل جدا.
- خرجت إلى الشارع.
- نعم..
- وبينما كنت سائرة في طريقي وإذا برجل يقترب مني.
- رجل؟!
- نعم .. أنا أمشي وهو يمشي إلى جانبي.. تابعت المسير وهو يتبعني.. قلت في نفسي لنرى ماذا سيحدث.
ينهار عمو فتيق كليا. ولكنه يتماسك أعصابه أما زوجته ويحاول البقاء طبيعيا ومندهشا يقول:
- الله .. الله .. أنا أيضا انتظر سماع ما حدث معك بفارغ الصبر لنرى ماذا سيحدث؟
- تابعت سيري. ففعل هو الآخر نفس الشيء وهو قريب مني أقول في نفسي لنرى ماذا سيحدث؟
- يا سبحان الله... لنرى ماذا سيحدث.
- اشتريت بطاقة من كوة دار السينما.. وإذا بالرجل يشتري بطاقة أيضا. دخلت السينما. وإذا بالرجل يدخل أيضا.
هنا بدأ عمو فتيق المنهار السؤال قبل زوجته:
- يا للغرابة.. إنه أمر غريب والله.. لنرى ماذا سيحدث.. وبعدها
- بعد ذلك جلست على المقعد المخصص لي، وإذا بالرجل يجلس في مقعد بجانبي.
- إنه أمر يحير.. لنرى ماذا سيحدث؟
- انطفأت الأنوار وبدأ الفيلم.
- أي ي ي ي هيا افهميني يا نجمية.
- وإذا بالرجل يمد بيده إلى فخذي وساقي.
- ماذا تقولين؟ عجايب والله ..!..
- لقد أدخل يده إلى فخذي بعد أن رفع الغطاء عنه. لقد احترت في أمري كثيرا.
- ماذا سيفعل؟
- لا أدري أنا الأخرى كنت أنتظر بلهفة نهاية هذا الأمر. بقيت منتظرة وأنا أقول في نفسي لنرى ماذا سيحدث.
- أنا الآخر والله أنتظر بفارغ الصبر لنرى ماذا سيحدث؟
- وبدأ الرجل يداعب جسمي وساقي مثلما يريد. لو كنت مكاني أما كنت تترقب ماذا سيحصل بعد ذلك؟

بدأ الشرر يتطاير من عيني عمو فتيق.. ولكن براءة زوجته غير الطبيعية منحته الصبر وبدا وكأنه يسايرها.
- لنرى ماذا سيحدث يا نجمية.
- ثم انتهى عرض فيلم عدالة عمر. وأشعلت الأنوار، نهضت من مكاني وإذا بالرجل ينهض أيضا.
- الرجل نفسه؟
- نعم..
- أمر عجيب وغريب لنرى ماذا سيحدث؟
- خرجت من السينما فخرج هو الآخر. مشيت في الشارع ففعل الآخر ومشى بجانبي.
- أمان نجمية.. إنني أنتظر بفارغ الصبر.. لنرى ماذا سيحدث؟
- أنا الأخرى كنت أنتظر بفارغ الصبر.. وانعطفت عند الناحية.
- هل انعطف الرجل أيضا؟
- نعم.. لقد فعل
- افهميني بسرعة يا نجمية أنا في حيرة من أمري.
- دخلت من باب عمارتنا فدخل أيضا. كنت متلهفة لما سيحصل لنرى ماذا سيحدث؟
غرق عمو فتيق في بحر من العرق.
- وبعدها؟
- صعدت إلى طابقنا.. صعد هو أيضا
- واي أيها الرجل واي..
- أخرجت مفتاح الشقة من محفظتي وفتحت الباب ودخلت وإذا بالرجل يدخل أيضا.
- دخل الرجل أيضا... يا الله
- نعم
- لنرى ماذا سيحدث.. هيا قصي علي يا نجمية
- عندما دخلت المنزل.. ذهبت إلى غرفة النوم، من الطبيعي أن أخلع ثيابي.. وإذا بالرجل أيضا يخلع ثيابه.
- ماذا تقولين يا نجمية؟ لنرى ماذا سيحدث.
- عندما خلعت ثيابي. صعدت إلى السرير كي أنام وإذا بالرجل يدخل الفراش معي.
عندها صرخ عمو فتيق وكأنه صفع بسيخ حام.
- أي أي واه... لنرى ماذا سيحدث؟
- أنا الأخرى كنت أنتظر بفارغ الصبر.. لأعرف ماذا سيحصل بعد ذلك؟
- أمان نجمية.. سأنفجر من الانتظار.. هيا تكلمي بسرعة، ماذا حصل بعد ذلك؟
- لا شيء يا روحي لم يحصل شيء يذكر. لقد ضاعت جهودي من الانتظار سدى كنت أحسب أن شيئا ما سيحصل.

كانت حبات العرق تتصبب من وجه عمو فتيق كاللؤلؤ.
- لا يا هذه.. إذن ماذا حصل يا نجمية؟ ماذا فعل معك؟
- لقد فعل كل ما تفعله أنت معي كل ليلة.

ماذا سيفعل الآن عمو فتيق الذي أصابته صدمة قاسية، إن زوجته بريئة لا تعرف ما أصابها من مكروه. ماذا سيفعل؟ إذا ضربها فهذا لا يجوز. وإن صرخ في وجهها وشتمها فهي داع لهذا. وإذا طردها ماذا سيقول الناس عنه؟ ولكي يخفي الغبار عن رجولته. وصون كرامته ورجولته قال لها:
- آمان نجيمة. كنت أظن أن في الأمر شيئا مهما. انتظرت بفارغ الصبر طويلا وأنا أقول: لنرى ماذا سيحدث. لنرى ماذا سيحدث فالأمر ليس بذي بال.

أما العجوز المتقاعد كان يروي القصة فقد ختم كلامه قائلا:
- هكذا أيها الأصدقاء فإن المرأة الصغيرة. كانت تروي قصتها ببراءة أمام كل من قابلتهم وزوجتي سمعتها من لسانها.
قال أحد المتقاعدين وهو يضع فنجان قهوته على المنضدة بيد مرتجفة:
- أنا لم أفهم شيئا. لماذا سردت علينا هذه القصة؟
قال العامل المتقاعد: كل يوم تتناقشون وتنتهي نقاشاتكم بترديد عبارة
لنرى ماذا سيحدث.. لنرى ماذا سيحدث
لقد أردت أن أخلصكم من لهفة الانتظار الطويلة.
وصدرت قهقهة من المقهى. لكن العامل المتقاعد أضاف:
إنه أمر غير مهم أبدا...


25 أبريل 2010

بعشرة قروش خصـ.....خصة

لا أدري لماذا شغل موضوع الخصخصة الحكومة والبرلمان والناس والجرايد طيلة الفترة الماضية، أو لماذا طرح الموضوع الآن وبهذي الطريقة!!
المؤيد للخصخصة يطرح ويعرض مبرراته، والمعارض أيضا يطرح ويعرض مبرراته، وسيد الموقف في هذا الموضوع هو الصراخ ثم الصراخ ثم الصراخ ثم طعن في النوايا، أخلاقيا ودستوريا... أعني بأخلاقيا هو كلمة "بيع الكويت"... أما دستوريا فهو الزعم بمخالفة المادتين 21 و152 من الدستور.. وهذا له رد على من يقول بهذه المخالفة موجود في المذكرة التفسيرية...

بصراحة لا المؤيدين (خصوصا الحكومة وبعض النواب) مقنعين بمبرراتهم، ولا المعارضين (معظمهم من النواب وفئات أخرى) أيضا مقنعين في مبرراتهم... لأن الجميع دخلوا في جدليات وتفاصيل وآليات تنفيذ الخصخصة دون طرح السؤال الأهم وهو... هل نحتاج إلى الخصخصة الآن؟ وكذلك هل نحن مهيئون فعلا للتحول إلى الخصخصة؟

هل نحتاج إلى الخصخصة... الإجابة نعم... في كل الحالات يجب أن نتوجه نحو الخصخصة لتحقيق المبادئ العامة التي ينادي بها المؤيدون... لكن هل هي ضرورة الآن... لأ... وهذا يجرنا إلى السؤال الثاني... هل نحن مهيئون فعلا للتحول إلى الخصخصة!!

عملية الخصخصة – أو التخصيص حسب مشروع القانون المقترح- ليست مجرد نقل ملكية مشروع عام بشكل كلي أو جزئي... أي تحويله من مشروع عام مملوك للدولة إلى قطاع خاص فقط... لكن المسألة أكبر وأعمق من ذلك، بسبب وجود روابط أمامية وخلفية لها آثارها وتأثيرها على جميع النواحي المالية والاقتصادية والإدارية والإنتاجية والخدماتية... والشيء المهم الذي لا يتطرق إليه الكثيرون هو الآثار والتأثيرات الاجتماعية والثقافية (وأعني بها نظرة المجتمع ومفهومه للتخصيص المبني على أساس الإنتاجية والحرية والتنوع والمنافسة في إنتاج السلع والخدمات) .. فهل نحن مهيئون لهذه الآثار والتأثيرات؟

مع إن الجانب الثقافي بالنسبة لي هو الأهم (وأقصد بالثقافي العادات والتقاليد والسلوك الاجتماعي والدين وأنماط الحياة للمجتمع مضافا إليها الإبداع الأدبي والفني والعلمي)... لكني سأبدأ بالجانب المؤسسي... الذي يعتبر القاعدة الأساسية لهيكل الدولة.

كيف نبدأ بالتخصيص والجانب المؤسسي عندنا غير مكتمل بالإضافة إلى وجود خلل في عدد كبير من المؤسسات!!! إذن لابد في البداية من بناء قاعدة مؤسسية (هيكل إداري) ومؤسساتية (مبنية على قاعدة قانونية قوية تمنح الاستقلالية والحرية في اتخاذ القرار).

لذلك أرى أن الخطوة الأولى لإصلاح الخلل المؤسسي تبدأ في تفكيك الوزارات والهيئات والإدارات الحكومية المتضخمة والمترهلة وحتى غير المتضخمة والمترهلة (مع إني ما أعتقد في وزارة مو متضخمة ولا مترهلة)، إضافة إلى فض الاشتباكات والتداخلات الإدارية في ما بين هذه الإدارات...

مثال على ذلك وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، فهي تتكون من وزير واحد ووكيل وزارة واحد، وستة وكلاء مساعدين... وهؤلاء مسؤولون عن 53 إدارة تضم 404 أقسام...
بالذمة شلون نفكر بالتخصيص أو الخصخصة وعندنا وزارة بهذا الحجم الضخم من الإدارات والأقسام والمراقبات وأكيد الموظفين!!

وزارة الشؤون بروحها تحتاج إنها تتفكك إلى أربع هيئات مستقلة ماليا وإداريا هيئة عامة للرعاية الاجتماعية وهيئة عامة للتنمية الاجتماعية وهيئة عامة للتعاون وهيئة عامة للعمل والعمالة.

والخطوة الثانية لإصلاح الخلل المؤسسي هو منح السلطة القضائية استقلالا تاما... أي الاستقلال المالي والإداري والتوظيف أسوة بالسلطة التشريعية... لأن مو معقول سلطة قضائية يعين وزير العدل العدد الكافي من الموظفين في الشؤون المالية والإدارية والكتابية بالمحاكم والنيابة العامة ويصدر وزير العدل القرارات اللازمة لتنظيم هذه الشؤون... (حسب المادة 67 من القانون رقم 23 لسنة 1990 بشأن قانون تنظيم القضاء).
على أن يقوم ديوان المحاسبة بالمراقبة المالية على مصروفات الهيئة القضائية..

وهناك خطوات أخرى ثالثة ورابعة وخامسة وسادسة... لكي نتمكن من خلق قاعدة مؤسساتية ننطلق منها نحو الخصخصة ومناخ مناسب لنجاح الخصخصة... ومن أهم هذه الخطوات أيضا... الشفافية... يعني معقولة حجم الاستثمارات الخارجية للدولة تبقى دائما سرية... أنا كمستمثر شلون أفكر بالاستثمار وما أعرف الحالة المالية للدولة !!! ماكو استثمار من غير شفافية المعلومات.

أتمنى سحب قانون التخصيص أو كما يسمونه الخصخصة... مو لأني ضد الخصخصة لكن التوقيت الحالي غير مناسب في ظل الاختلالات المذكورة أعلاه، والاختلالات التي لم أذكرها (اختلالات هيكلية مالية واقتصادية وثقافية) ومنها إصلاح المؤسسة السياسية... لأن الخصخصة تتطلب أحد أمرين... إما دكتاتورية رشيدة أو ديمقراطية حقيقية الفاعل الحقيقي فيها هم الأحزاب.
الزبدة... لا نستعجل على أمر بدون دراسته بشكل جدي ومن كل النواحي... على شان لا نقول... أخ يا ليتنا ما فعلنا

11 أبريل 2010

تفاؤل... تشاؤم... ولغة الأرقام




لكل رقم دلالات، تدل عدة معان... وعلى أساس هذا الرقم أستطيع قراءة الواقع بطرح عدد من الأسئلة... كيف جاء هذا الرقم... ولماذا... وعلى ماذا يدل... وهل يدل على أمر إيجابي أم سلبي؟... فضلا عن المؤشرات الحالية والمستقبلية...

فعلى سبيل المثال... لما يعلن وزير المالية أن فائض الموازنة العامة يبلغ سبعة مليارات دينار (24 مليار و332 مليون دولار أمريكي) فهذا الرقم يعطي دلالات عدة... اقتصادية وسياسية واجتماعية... ودلالات أخرى

أو لما يعلن فضيلة الشيخ الشاب!! مشاري الخراز أن عدد حضور ندوة أو محاضرة "كيف تتلذذ في صلاتك"، التي تقام مجانا، بلغ حوالي 35 ألف، فإن هذا الرقم له دلالات متعددة... أو لما تعلن اللجنة الإعلامية لمهرجان ليالي فبراير أن عدد حضور الحفلات أكثر من 30 ألف وأسعار التذاكر تتراوح بين 20 و100 دينار... أيضا هذا له دلالات...

أو لما يعلن اللواء محمود الدوسري أن عدد السيارات المسجلة لدى الإدارة العامة المرور حتى 23 مارس 2010 بلغ مليون و507 آلاف و713 سيارة... وأن عدد رخص القيادة مليون و181 ألف و150 رخصة... وأن إجمالي أطوال الطرق بلغ 6000 كليومتر تقريبا... فهذه الأرقام لها دلالات...

فإذا وقفت عند هذا الرقم من السيارات وأطوال الطرق!!!
فإن مليون ونص سيارة على 6000 كيلو متر.... يعني أن 251 سيارة لكل كيلو متر واحد...
لكن لست أدري كيف احتسبت الأطوال... هل احتسب عدد الحارات ضمن هذه الأطوال أم فقط أطوال المسافة المعبدة!!
سأفترض أن عدد الحارات مشمول ضمن احتساب الأطوال... وبناء عليه سأفترض الآتي:
251 سيارة لكل كيلومتر...




الفرضية الأولى: متوسط طول السيارة ثلاثة أمتار (بدون مسافات بين السيارات) يعني
251 × 3 = 753 مترا من السيارات لكل كيلومتر (1000 متر)...
أي أن نسبة الطاقة الاستيعابية للطرق = 75.3 %...

الفرضية الثانية: متوسط طول السيارة ثلاثة أمتار ونصف (3.5) وبدون مسافات أيضا، يعني
251 × 3.5 = 879 مترا من السيارات لكل كيلومتر (1000 متر)...
أي أن نسبة الطاقة الاستيعابية للطرق = 87.9 % ...

الفرضية الثالثة: متوسط طول السيارة أربعة أمتار (بدون مسافات بين السيارات) يعني
251 × 4 = 1004 أمتار من السيارات لكل كيلومتر
أي أن نسبة الطاقة الاستيعابية للطرق = 100.4 %...

والفرضيات مفتوحة... لكن أتمنى أن عدد الحارات غير مشمول في إعلان اللواء الدوسري، لأن الحسبة ستختلف... لأنني سأفترض أن متوسط عدد الحارات هو 3 وعليه سيكون إجمالي أطوال الطرق 18 ألف كيلومتر تقريبا... وبهذي الحسبة يكون التفاؤل أكبر بقلة ازدحام السيارات...

أما الفارق بين عدد السيارات المسجلة وعدد الرخص
1507713 (سيارة) – 1181150 (رخصة) = 326563 (326 ألف و563) هي
زيادة عدد السيارات على عدد الرخص...

وهذا شيء طبيعي إذا كانت هناك شركات تمتلك سيارات كثيرة... أو بعض الأفراد ممن يملك أكثر من سيارة...

لكن لحظة لحظة!!!
هل تمت مقارنة الأرقام السابقة مع تعداد السكان؟
الرقم الأول... حسب موقع الهيئة العامة للمعلومات المدنية فإن عدد السكان في الكويت حتى 31 ديسمبر 2009 بلغ 3484881 (ثلاثة ملايين و484 ألف و881 نسمة)...
بلغ الكويتيون منهم 1118911 (مليون و118 ألف و911 كويتي) وبنسبة 32 في المئة... ونسبة المقيمين/الوافدين هي 68 في المئة...
الرقم الثاني... إن عدد الكويتيين أقل من عشر سنوات هو 300149 (نسبتهم إلى إجمالي الكويتيين بلغت 26.8 في المئة)... يعني أكثر من ربع الكويتيين أقل من عشر سنوات!!
الرقم الثالث... إن عدد الكويتيين أقل من عشرين سنة هو 550469 (نسبتهم إلى إجمالي الكويتيين بلغت 49.2 في المئة)... يعني نص الكويتيين أقل من عشرين سنة!!


ما أدري... هل هذي الأرقام ممكن تحرك (عند المسؤولين والمواطنين والحكام والمحكومين) بعض التخوف تجاه المستقبل؟؟ خصوصا مع نمط الحياة اللي نعيشها... السياسية والاجتماعية والاقتصادية و و و و ...

عموما أرجع إلى المرور
اللواء الدوسري يقول إن عدد رخص القيادة مليون و181 ألف و150 رخصة...
وإذا رجعنا لإحصائيات السكان، فإن عدد الذين أعمارهم 17 سنة حتى نهاية 2009، (يعني يكملون 18 سنة خلال 2010) ويحق لهم التقدم بطلبات للحصول على رخصة قيادة كالتالي:
من المتوقع أن الذين سيتقدمون من الكويتيين وغير الكويتيين 27333.. الكويتيون 11931 والمقيمون 15402...

وسأفترض أن 80 في المئة من الكويتيين سيتقدمون بطلب الرخصة، بالمقابل 50 في المئة من الوافدين.. هذا يعني:
9545 كويتي + 7701 وافد = 17246 شخص سيطلب رخصة قيادة خلال عام 2010... وهذا الرقم ينضاف إلى الرقم الأول
1181150 + 17246 = 1198396 رخصة قيادة في عام 2010... (مليون و198 ألف و396) رخصة...
طبعا هذا على افتراض عدم وجود وافدين جدد وكذلك انخفاض النسبة المتوقعة...

ها... أكمل توقعاتي لسنوات 2011 و 2012 و2013 ؟
بس مابي أكمل.. واللي يبي يكمل يتابع تعداد السكان ويقيس على أساسه ويقارنه مع أطوال الشوارع واحتمال زيادة عدد السيارات...

اللي أعمارهم 16 سنة (يعني يكملون 18 في 2011)
الكويتيون 12464، الوافدون 15363، المجموع 27827

اللي أعمارهم 15 سنة (يعني يكملون 18 في 2012)
الكويتيون 12563، الوافدون 15686، المجموع 28249

اللي أعمارهم 14 سنة (يعني يكملون 18 في 2013)
الكويتيون 13030، والوافدون 16425، المجموع 29455


أدري بعد هذا كله... والأرقام والفرضيات... ما قلت شنو الدلالات اللي استنتجتها... بس بصراحة ما يحتاج أقول شنو استنتجت...

أراهن على ذكاء القارئ

-----------------

بصراحة في شخصيتين يضحكوني وايد وهم من نفس المستوى في الكوميديا
الشخصية الأولى طارق العلي
الشخصية الثانية صاحب زاوية البيت العتيق (مقالات اليمين) في جريدة الوطن...خ س س