13 سبتمبر 2010

كنت قدساويا لكن الله هداني

يولد الإنسان مجردا من كل شيء "كل مولود يولد على الفطرة"، لكن هذا التجرد لا يستمر طويلا، لأن الأثواب الكثيرة مفصلة وجاهزة لهذا المولود "فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه".. أما في العصر الحالي، فأبواه يسننانه أو يشيّعانه أو يؤصّلانه أو يـبـيْسرانه أو يسْـلِفانه أو يؤخوِنانه أو يوهّـبانه أو يسيْستانه أو يشيـْرزانه أو يعلمنانه أو يلبرنانه أو يمركسانه أو يؤمركانه أو يبرشلانه أو يمدردانه أو يُـلَفْـرِبْـلانه والقائمة تطول، وما سيأتي ربما أكثر وأكثر.

هكذا، يولد الإنسان، فيجد اسمه الذي يتلاءم مع عائلته، ويتناسب مع مذهبه، ويتوافق مع دينه، ويتناغم مع طائفته، ويتماشى مع حزبه (الحزب الاجتماعي بالدرجة الأولى). ويجد أيضا، الطقوس الواجب عليه اتباعها (الطقوس الاجتماعية والثقافية والدينية والسياسية). ويجد الخطوط المرسومة له التي يجب عليه أن يسير وفق حدودها. وحتى قراءاته محددة له سلفا. وإن حاول الخروج عن كل هذه الخطوط أو فكر في أن يحقق وجوده وشخصيته الخاصة وفق منظوره وفلسفته، سيجد نفسه غير مرغوب فيه.

وبعد هذا، هل يستطيع الإنسان أن يعود إلى الفطرة الأولى باختياره وأن يحدد مساراته وأسلوب حياته باختياره أيضا من دون تدخل الأبوين؟ بالمناسبة، معنى الأبوين – بالنسبة لي - هما الأسرة والمجتمع، وليس المفهوم الطبيعي للأب والأم.

لكن إذا اعتبرنا أن الدين (أي دين) هو المؤثر والمحرك الأول – حسب ما أظن- في البشرية، إذن لابد من التساؤل.. هل الذي يحرك البشر ويؤثر فيهم الدين نفسه أم المفسرون والفقهاء والقساوسة؟
سأستشهد بفقرات من كتاب "الهويات القاتلة" للأديب والمفكر أمين معلوف حيث يقول:
"مهما غصنا في بطون الكتب المقدسة، ورجعنا إلى كلام الفقاء، وأقمنا الحجج والبراهين، سوف تبقى هنالك دوما تفسيرات مختلفة ومتناقضة. فاستنادا إلى الكتب المقدسة نفسها، يمكننا القبول بالرق أو بإدانته، تقديس الأيقونات أو حرقها، تحريم الخمرة أو تحليلها، المناداة بالديمقراطية أو الثيوقراطية. لقد عرفت المجتمعات البشرية، على مر العصور، إيجاد الآيات المقدسة التي تبرر ممارساتها الآنية (...) فالنص لا يتغير بل نظرتنا هي التي تتغير. غير أن النص لا يؤثر في حقائق العالم إلا من خلال نظرتنا التي تتوقف في كل عصر عند بعض الآيات وتغفل آيات أخرى (...) وإذا ما أردنا الحصول على أجوبة، وليس فقط على تأكيد لأفكار مسبقة إيجابية أو سلبية نحملها في قرارة نفسنا أصلا، فلا يجب دراسة جوهر العقيدة بل سلوكيات الذين يدينون بها عبر التاريخ".

كنت قدساويا
نشأت وترعرعت وتربربت بين عائلة قدساوية، معادية للعرباوية –أيام ما كانت المنافسة بين القادسية والعربي حامية- والعرباوي اللي يقعد بينا، يا ويله يا سواد ليله. وخوفا من سواد الليل، أصبحت قدساويا متعصبا ومتزمتا.
وصرت أفاخر بالأصفر وبجاسم يعقوب وفيصل الدخيل وفاروق إبراهيم الله يرحمه وعبدالعزيز حسن، حتى عبدالله عبدالرسول وعادل العطار وناجي جاسم ومؤيد سلطان ومتعب الذاير كنت أفاخر فيهم. وأدخل في صراعات ومناوشات مع العرباوية دفاعا عن "عقيدتي الصفراء". ولكن بعد فترة راجعت نفسي، ليش القادسية والعربي والكويت.
وبعد تأمل وتفكير واقتناع بأهمية "تنويع مصادر التشجيع"، "وتعزيز فرص المنافسة بين الأندية كلها"، والسعي إلى "تمويل بقية الأندية لتمكينها من المشاركة في المنافسة في المسابقات المحلية والخارجية".. قررت - بعد أن هداني الله- أن أبتعد عن الطائفتين القدساوية والعرباوية، وكذلك عن الكويتاوية. وأبحث عن نادي أشجعه.. وكان نادي كاظمة.. هذا كان قبل 23 سنة.
واليوم انتظر أول نادي ينشئه القطاع الخاص –هذا إذا صار- علشان أشجعه وأساهم فيه بعد.