29 أبريل 2010

لنرى ماذا سيحدث... عزيز نيسن


قصة من قصص عزيز نيسن... ونيسن عجيب بأسلوبه الساخر الجميل ونهاياته غير المتوقعة..
وهذي قصة من قصصه بعنوان (لنرى ما سيحدث) وهي ضمن مجموعته القصصية المعنونة ب(لن نتطور أبدا) ترجمة محمد مولود فاقي.. وعلشان ما نطول وايد نختصر من مقدمة القصة...: (بالمناسبة عدد الكلمات بعد الاختصار 1621 كلمة علشان اللي ما يحب البوستات الطويلة لا يكمل قراءة)... هذا للعلم والتنبيه...

مجموعة من المتقاعدين في مقهى على مضيق البوسفور، قريبا من البحر الأسود من ناحية آسيا.
يتناقشون في كل الأمور، عن طبيعة الحياة في هذه الأيام وارتفاع الأسعار بالإضافة إلى هموم الدولة والوطن مثل كل يوم والمشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكل واحد منهم يدلي بدلوه، وكانوا يسألون بعضهم كل يوم، نفس السؤال الذي لا يملكون إجابة عليه: إذن ماذا سيحدث؟ لننتظر ونشاهد.. ماذا سيحدث؟.. وهكذا دواليك، وفي يوم من الأيام، قال أحد المتقاعدين وهو عجوز تجاوز السبعين من عمره (( وهني أنقل القصة كما كتبها عزيز نيسن)) :


لقد ذكرتموني بقصة جرت مع أحد أقربائي، وأنتم ترددون ماذا سيحدث.
اتجهت الأنظار نحوه وسألوه بلهفة عما جرى لقريبه. وبدأ العامل المتقاعد العجوز يقص عليهم القصة الآتية:
ربما تتذكرون الضائقة التي مرت بها الحكومة منذ فترة عندما قررت بيع هضاب البوسفور الرائعة. في ذلك الوقت، ظهر على المسرح ثري كبير، واسمه أبو الفاتك المشكي. كان هذا الثري قد اشترى إحدى الهضاب الجميلة التي لا يرتوي الإنسان من النظر إليها أبدا لجمالها الرائع.
وكان من المقرر أن يشيد فوقها قصرا أو ما شابه ذلك. وما لبث أبو الفاتك المشكي هذا أن أخذ قرار ثانيا وهو الزواج بفتاة تركية جميلة. الفتاة التركية غير معروفة، ولكن يكفي أن تكون تركية، وبالطبع جميلة وفق المقاييس المتعارف عليها.
بدأ السمسار الذي اشترى الهضاب لأبي الفاتك هذه المرة بالبحث عن فتاة طبقا للمواصفات المطلوبة. ينبغي أن تكون شابة جميلة وبكرا ويجب أن لا تكون يدها قد لمست يد رجل. وفوق ذلك يجب أن تكون بريئة للغاية.
طبعا ليس من السهولة إيجاد فتاة بهذه الشروط في استطنبول، وفي هذه الأيام بالذات. ولكن الأمر ليس صعبا على أبي الفاتك، لابد أنه سيجد طلبه، لأنه يملك المال الكثير. لنترك السماسرة يبحثون عن الفتاة ولنعد نحن إلى أبي الفاتك الذي بدأ يتعلم اللغة التركية ليستطيع أن يتلاءم ويتناقش مع زوجته التركية في المستقبل القريب. على الأقل كلمات قليلة مثل... نامي... انهضي... تمددي... دوري إلى ما هنالك من الكلمات المتداولة.
أحضروا لأبي الفاتك فتيات كثيرات إلا أنه رفضهن لعدم إعجابه بهن. كانت رغبته الحصول على فتاة بشرتها بيضاء كالحليب، وجسمها طري كالمعجون، وحوضها عريض، ناعمة كقطعة الراحة اللذيذة. في النهاية أعجبته إحدى الفتيات، ومن هنا تمت معرفتنا به.
جميع الصفات التي طلبها أبو الفاتك: عمرها سبعة عشر عاما. تخرجت من دورة لتعليم القرآن... بيضاء اللون... حوضها نافر من الجانبين.. ومن ناحية البراءة فهي بريئة حتى الحماقة أو أكثر. وإذا رأيتهم أبو الفاتك هذا فإن شفاهكم سترتجف من الخوف. إنه قبيح بشكل يدعو للاشمئزاز ثم أن عمره أكبر من عمر والد الفتاة بكثير.
وقد اندهش أحد الذين شاهدوا تمثال القبح هذا اندهاشا عظيما. فرفع يده على صدره وضربها بشدة، وهو يقول :"أيها الإله الذي أقدم نفسي قربانا له. إنك على كل شيء قدير"..
وبما أن عدد نسائه غير معروف، فإنه لم يسجل هذه الفتاة رسميا على اسمه، بل تزوجها بعقد نكاح خارجي المهم في الأمر أنه تزوجها والسلام.
لقد أصبحت الفتاة البريئة سعيدة في منزلها الجديد، لأنها خرجت من عائلة فقيرة.. محرومة، لم تعرف من نعيم الحياة شيئا في بيت أبيها. وعندما تزوجت الحياة الجديدة، أحست بالسعادة تملأ كيانها.
وبما أن اسم زوجها أبو الفاتك المشكي طويل وصعب، فإن أسرتها اختصرت من اسمه وأصبحت تناديه السيد فاتك. وهكذا احتفظوا بجزء من اسمه إلى حد ما.
وكان للفتاة شقيق يصغرها بستة أعوام. أصبح ينادي صهره دائما عمو فتيق لأنه لا يستطيع لفظ كلمة فاتك فحورها إلى /فتيق/. وكان عمو فتيق قد اشترى شقة كبيرة وجميلة في حي /نيشان طاشي/ سجلها باسم زوجته الصغيرة. وقد ذهبنا أنا وزوجتي لزيارتهم مرتين هناك. وتعرفنا على عمو فتيق في منزله أثناء الزيارة.
ومرت أيام. ولكن ما حصل بعد ذلك قصته علي زوجتي. وهي بدورها سمعته على لسان زوجة فتيق الشابة شخصيا.
كان عمو فتيق يغار كثيرا على زوجته الصغيرة والجميلة، حيث منعها من زيارة منازل أقربائه. وأرغمها على الخروج من المنزل بالعباءة والشرشف، كل هذا حسن، ولكن الفتاة كانت تشعر بالملل عندما يكون عمو فتيق خارج المنزل. ولكي يعطي للناس صورة حسنة عن شخصيته، كان يحاول جاهدا على عدم إظهار الأمر، وكأنه نوع من السجن للفتاة وأنه يثق بزوجته كسائر الأزواج.
وانطلاقا من هذا المبدأ الذي أظهره للناس ولنفسه وحيث أنه سيغيب عن منزله يومين كاملين. فقد سمح لزوجته الشابة الخروج للسوق لشراء الأغراض لمنزلها. شرط أن لا تبتعد عن المنزل. فرحت الفتاة الشابة كثيرا. ولكنها ماذا ستفعل وحدها في الخارج. سألت زوجها إذا كان باستطاعتها الدخول إلى السينما. عندها فكر عمو فتيق طويلا. فإعطاء القرار ليس سهلا.
إذا قال لها لا تذهبي.. عندها يفسر موقفه بأنه نوع من الضغط عليها، وفي الوقت نفسه ليس من السهل عليه أيضا أن يقول لها : اذهبي. ومن غير اللائق الذهاب معها.. في النهاية قال لها: نعم أسمح لك بالذهاب. ولكن يجب أن أشاهد الفيلم قبلك.
جهد عمو فتيق على مشاهدة جميع الأفلام التي كانت تعرض آنذاك في دور السينما القريبة من المنزل. فاختار فيلما واحدا يلائم زوجته لتراه وهو فيلم محلي بعنوان (عدالة عمر بن الخطاب).. قال لزوجته: يمكنك الذهاب إلى السينما يا نجمية (اسم الزوجة الشابة) لمشاهدة الفيلم الذي اخترته لك.
بدا عمو فتيق مسرورا جدا لما فعله. وعندما عاد بعد يومين إلى المنزل، أوه الشكر لله إن نجمية في المنزل.
- نجمية.
- أفندم.
- ماذا فعلت في غيابي؟
تبدأ نجمية بسرد حكايتها بحرارة. آه لا تسألني...
((كيف لا أسألك وأنا أنفجر شوقا للاستماع)).
- ماذا حصل يا نجمية؟
- لقد احترت كثيرا بما حصل معي.
- ماذا جرى لك؟
وتقص نجمية ما جرى لها ببراءتها المعهودة.
- لبست عباءتي وغطائي للذهاب إلى السينما التي سمحت لي بالدخول إليها.
- جميل جدا.
- خرجت إلى الشارع.
- نعم..
- وبينما كنت سائرة في طريقي وإذا برجل يقترب مني.
- رجل؟!
- نعم .. أنا أمشي وهو يمشي إلى جانبي.. تابعت المسير وهو يتبعني.. قلت في نفسي لنرى ماذا سيحدث.
ينهار عمو فتيق كليا. ولكنه يتماسك أعصابه أما زوجته ويحاول البقاء طبيعيا ومندهشا يقول:
- الله .. الله .. أنا أيضا انتظر سماع ما حدث معك بفارغ الصبر لنرى ماذا سيحدث؟
- تابعت سيري. ففعل هو الآخر نفس الشيء وهو قريب مني أقول في نفسي لنرى ماذا سيحدث؟
- يا سبحان الله... لنرى ماذا سيحدث.
- اشتريت بطاقة من كوة دار السينما.. وإذا بالرجل يشتري بطاقة أيضا. دخلت السينما. وإذا بالرجل يدخل أيضا.
هنا بدأ عمو فتيق المنهار السؤال قبل زوجته:
- يا للغرابة.. إنه أمر غريب والله.. لنرى ماذا سيحدث.. وبعدها
- بعد ذلك جلست على المقعد المخصص لي، وإذا بالرجل يجلس في مقعد بجانبي.
- إنه أمر يحير.. لنرى ماذا سيحدث؟
- انطفأت الأنوار وبدأ الفيلم.
- أي ي ي ي هيا افهميني يا نجمية.
- وإذا بالرجل يمد بيده إلى فخذي وساقي.
- ماذا تقولين؟ عجايب والله ..!..
- لقد أدخل يده إلى فخذي بعد أن رفع الغطاء عنه. لقد احترت في أمري كثيرا.
- ماذا سيفعل؟
- لا أدري أنا الأخرى كنت أنتظر بلهفة نهاية هذا الأمر. بقيت منتظرة وأنا أقول في نفسي لنرى ماذا سيحدث.
- أنا الآخر والله أنتظر بفارغ الصبر لنرى ماذا سيحدث؟
- وبدأ الرجل يداعب جسمي وساقي مثلما يريد. لو كنت مكاني أما كنت تترقب ماذا سيحصل بعد ذلك؟

بدأ الشرر يتطاير من عيني عمو فتيق.. ولكن براءة زوجته غير الطبيعية منحته الصبر وبدا وكأنه يسايرها.
- لنرى ماذا سيحدث يا نجمية.
- ثم انتهى عرض فيلم عدالة عمر. وأشعلت الأنوار، نهضت من مكاني وإذا بالرجل ينهض أيضا.
- الرجل نفسه؟
- نعم..
- أمر عجيب وغريب لنرى ماذا سيحدث؟
- خرجت من السينما فخرج هو الآخر. مشيت في الشارع ففعل الآخر ومشى بجانبي.
- أمان نجمية.. إنني أنتظر بفارغ الصبر.. لنرى ماذا سيحدث؟
- أنا الأخرى كنت أنتظر بفارغ الصبر.. وانعطفت عند الناحية.
- هل انعطف الرجل أيضا؟
- نعم.. لقد فعل
- افهميني بسرعة يا نجمية أنا في حيرة من أمري.
- دخلت من باب عمارتنا فدخل أيضا. كنت متلهفة لما سيحصل لنرى ماذا سيحدث؟
غرق عمو فتيق في بحر من العرق.
- وبعدها؟
- صعدت إلى طابقنا.. صعد هو أيضا
- واي أيها الرجل واي..
- أخرجت مفتاح الشقة من محفظتي وفتحت الباب ودخلت وإذا بالرجل يدخل أيضا.
- دخل الرجل أيضا... يا الله
- نعم
- لنرى ماذا سيحدث.. هيا قصي علي يا نجمية
- عندما دخلت المنزل.. ذهبت إلى غرفة النوم، من الطبيعي أن أخلع ثيابي.. وإذا بالرجل أيضا يخلع ثيابه.
- ماذا تقولين يا نجمية؟ لنرى ماذا سيحدث.
- عندما خلعت ثيابي. صعدت إلى السرير كي أنام وإذا بالرجل يدخل الفراش معي.
عندها صرخ عمو فتيق وكأنه صفع بسيخ حام.
- أي أي واه... لنرى ماذا سيحدث؟
- أنا الأخرى كنت أنتظر بفارغ الصبر.. لأعرف ماذا سيحصل بعد ذلك؟
- أمان نجمية.. سأنفجر من الانتظار.. هيا تكلمي بسرعة، ماذا حصل بعد ذلك؟
- لا شيء يا روحي لم يحصل شيء يذكر. لقد ضاعت جهودي من الانتظار سدى كنت أحسب أن شيئا ما سيحصل.

كانت حبات العرق تتصبب من وجه عمو فتيق كاللؤلؤ.
- لا يا هذه.. إذن ماذا حصل يا نجمية؟ ماذا فعل معك؟
- لقد فعل كل ما تفعله أنت معي كل ليلة.

ماذا سيفعل الآن عمو فتيق الذي أصابته صدمة قاسية، إن زوجته بريئة لا تعرف ما أصابها من مكروه. ماذا سيفعل؟ إذا ضربها فهذا لا يجوز. وإن صرخ في وجهها وشتمها فهي داع لهذا. وإذا طردها ماذا سيقول الناس عنه؟ ولكي يخفي الغبار عن رجولته. وصون كرامته ورجولته قال لها:
- آمان نجيمة. كنت أظن أن في الأمر شيئا مهما. انتظرت بفارغ الصبر طويلا وأنا أقول: لنرى ماذا سيحدث. لنرى ماذا سيحدث فالأمر ليس بذي بال.

أما العجوز المتقاعد كان يروي القصة فقد ختم كلامه قائلا:
- هكذا أيها الأصدقاء فإن المرأة الصغيرة. كانت تروي قصتها ببراءة أمام كل من قابلتهم وزوجتي سمعتها من لسانها.
قال أحد المتقاعدين وهو يضع فنجان قهوته على المنضدة بيد مرتجفة:
- أنا لم أفهم شيئا. لماذا سردت علينا هذه القصة؟
قال العامل المتقاعد: كل يوم تتناقشون وتنتهي نقاشاتكم بترديد عبارة
لنرى ماذا سيحدث.. لنرى ماذا سيحدث
لقد أردت أن أخلصكم من لهفة الانتظار الطويلة.
وصدرت قهقهة من المقهى. لكن العامل المتقاعد أضاف:
إنه أمر غير مهم أبدا...


هناك تعليقان (2):

7osen يقول...

هههههههههههه

حلووووة .. عجيبة القصة

ولنرى ماسيحدث
هههههه
---------

شلووونك
إن شاءالله بخير

sologa-bologa يقول...

7osen

هلا هلا هلا

الحمدلله عايش في هالدنيا
وأراقب الأوضاع
لأرى ماذا سيحدث
:)


إنت شلونك؟



ودمت بحب وود