لو كان سبب كارثة الجهراء ماسا كهربائيا أو سوءا في استعمال الفحم أو وسائل الطبخ أو غيره من الأمور التي قد تحدث نتيجة خطأ ما، لاكتفينا بمحاسبة الجهة المسؤولة. لكن أن تكون هذه الكارثة بفعل فاعل وعن قصد "وإن كان بهدف التخريب فقط"، فإن الأمر بحاجة إلى إمعان النظر والتفكر في ما حدث من نواحٍ عدة.
أحداث عدة مرت إبان فترة قصيرة لا توجد بينها رابطة "ظاهرة" لكن سببا خفيا وجب الانتباه له ألا وهو "العنف" الذي برز على السطح، وبشكل لا يمكن إنكاره. والعنف ليس أفعالا وحسب، لكن العنف في الحوار والتفكير واللغة السائدة... هل من الممكن أن أسمي هذه الظاهرة "بالفكر العنيف" أو "الشعور العنيف" ؟!!... أو ربما الفكر المتطرف تعاطيه مع العنف.
في فترة قصيرة حدث الآتي:
رجل أعمال يلقى حتفه، منتحرا أو مقتولا فالأمر سيان، ففي نهاية الأمر لم تكن ميتة طبيعة بل كانت عنيفة.
حوار طائفي بلغ حدود التراشق الجارح وبلغة سمجة سخيفة وضيعة وفي الوقت ذاته عنيفة.
رسالة تهديد استخدمت فيها كلمات من البغض والكراهية والفتنة ما هو أشد من القتل.
القبض على جماعة إرهابية تهدف إلى الفتك بالإنسان "بغض النظر عن دينه وجنسيته" فالإنسان إنسان، دون أن تنظر هذه الجماعة إلى أبعاد هذا الفتك إنسانيا وسياسيا على هذا البلد.
حتى في عالم التدوين الذي "كان جميلا"، فقد أصبحت لغة التخوين والتشكيك والتصغير وبصورة عنيفة هي اللغة السائدة!!!
كل هذه الأحداث والتفكير في أبعادها فجرتها كارثة الجهرا... لأن قيام زوجة بتخريب عرس وتحويله إلى مأساة وطنية، ليس بالأمر السهل أو أن يمر مرورا عابرا وتحميل الحكومة المسؤولية كاملة...
فالمهم الآن ليس وضع خطة طوارئ لتفادي الأحداث المماثلة، بل يجب أن تكون خطة لمعرفة سبب قيام الأفراد بهذه الأحداث وكيف ولماذا فكروا بهذا الأسلوب العنيف، فالمواجهة الحقيقية هي في الفكر وليس الفعل... لو لم يكن الفكر العام مشبعا بالأفكار العنيفة "وليس الأفكار الدينية المتطرفة وحسب بل كل أشكال الفكر العنيف" لما قامت هذه الزوجة بفعلتها...
إذن القضية قضية فكر ومسؤولية جماعية...
الحرية فردية لكن المسؤولية جماعية، على الأقل في الفترة الحاضرة...
وتعازينا إلى أهالي الكويت كلهم على هذه الكارثة الإنسانية