22 يناير 2008



مغلق للتحسينات الفكرية أو للتخريبات
حتى إشعار آخر أو حتى من غير إشعارات
وبعد ما انتهى موضوع طرح الثقة والندوات
والتجمعات والطعنات وقذائف القاذفات
والفتاوى والإفتاءات
والله يستر مما هو آت
مالنا غير قراءة هذه المختارات
من هذه الأبيات
للمرحوم الشاعر الدكتور عبدالله العتيبي
من مسرحية دقت الساعة
طبعا أنا ناقل النص عن المسرحية كامل مع الأغاني
لكن اخترت بعض الأبيات

هذي البلد يا رفاقة
كانت كما النهر جاري .. كانت كما البدر ساري
يسهر كي يسعد الناس
لكن دوي المطامع .. طبل يسد المسامع
يقتل بها كل إحساس
المال عبد وسيد .. والناس رافض مؤيد
وما بين هذا وهذا
يا سادتي صار ما صار .. صلوا علي سيد الأخيار

يا سادتي صدقوني .. الدار مثل العيوني
شالتكم صغار وكبار.. شيلوها يوم الزمن دار

الحل حلج ارقصي يا خيبة .. واخذي من الديرة زمنها الجاي
خلي أملها ينكسر يا خيبة .. ويصير سهم بيد الرماي
حطي على درب الندم خطوتها .. بيعي بأسواق الظلام قمرتها
رزي على جبال الوهم رايتها … صيري لها نهامها وديرتها

يحق له يبخر السوق
عند اختلال الموازين
ما ينعرف تحت من فوق
غيمة ذهب وأمطرت له .. قومة بخت ورقصت له
صار البخت من عبيده .. يجيب له ما يريده
لكن وهو يرتفع لي فوق .. المال عمه وسيده

أبو جهل في التجارة .. اللي خذاها شطارة
لا باس ضحك وعيارة.. والله عليم بالأسرار
جاته وهو ما عرفها .. تيار جهله جرفها
جنحان طيره نتفها.. وبيسبله عقب ما طار

المال عبدك وسيدك .. قرر مصيرك بيدك
يا تصير عبده وتنهان.. يا تصير سيده وتنصان
المال له ألف سلطان .. على النفوس الضعيفة
المال رحمة وإحسان.. على النفوس العفيفة


يا دارنا سود الغيوم انزاحت.. يوم الغشاوة عن عيونج راحت
يا دارنا يا أم الخطاوي الخضرا.. ياللي على صدرج تنام القمرة
ياللي على الدنيا ربيع أفضالج.. لبسي عباتج وافزعي لعيالج
شوفي الكسيرة والعرب منضامة.. جن الليالي رجعت هدامة
شوفي بسوق المال صارت طبعة.. صار الرفيج يشاكي أهله وربعه
بالج تقولين الزمان وطبعه .. قولي عدوج كبر المحيامة

السوق ركس .. يوم انقطع منه النفس .. السوق ركس
والكل غرق .. والشيك بيدينه ورق .. السوق ركس


لما الأمور اتخالط … والدنيا فوضى امخامط
تكثر سكيك المزامط
ويجيج مليون مفتي .. في كل موضوع يفتي
يحل لج كل إشكال .. ويغني للأزمة موال

صارت مشاكل بلدنا.. أزمة وحل وقوانين
وراها حل وقوانين
ونضيع في كل ساعة .. ما بين صج وإشاعة
ونضيع بين القوانين .. راعي البلد صج مسكين

وهي بصريح العبارة واختصار القول
قصة جماعة صغيرة همها الثروة
والشيك قانونها في البيعة والشروة
يمكن تصير مدته شهرين حول
يمكن تطول مدته تطول عرض وطول
مدام هم به رضوا حبل المودة يطول


مرت علينا الليالي والزمن دوار
جن الليالي وقفت عند الذي قد صار
جن الزمن ما دار يا ضحكة الأقدار
جن البلاد عرفت كل اللي داخلها
جن البلاد عزلت صكت مداخلها
يمكن دخل في سماها طائر اللعنة
اللي سكن معنا ونحسبه صاحبنا
الأزمة صارت قضية شدت الأنظار
الأزمة صارت قضية شتت الأفكار
عن لعبة الأشرار وأطماعهم بالدار


جونا بكل المبادئ الطيبة والردية
لبسوا عباة المطوع راية الثوري
دشوا في كل الجرايد .. والجامعة والمساجد
وابن البلد صار محتار .. ما بين تيار وتيار
إحنا اللي كنا جماعة صرنا بدايد بدايد !!
يا دارنا جاج الجراد اللي انطرد من كل بلاد
صرنا نتخبط يا عباد جنة العيون امعصبة

كانت بلدنا صغيرة .. لكن كبيرة بأهلها
كانت بلدنا فقيرة .. لكن غنية بأهلها
أهلها عيال بطنها .. أهل الخصال الأصيلة
اللي شربوا من لبنها.. كل المعاني الجميلة

واللي بنى السور شاهد .. كانوا جماعة في واحد
الدين والرب واحد … كانوا جسد قلبه واحد
اسمه الديرة
والديرة كانت معاهم بالسفر دَيرة
ما قالوا للي طبع بندوس تريجه
كانوا خيوط الصبر اللي انفرط حيجه
كانوا عناد الليالي .. ما يرخصون كل غالي
كانوا خطاوي ثجيلة .. تسحق أثر كل حية
مثل الشعوب الأصيلة .. ما تهمها الطائفية


يا ساكنين البلد .. يا أهل هالديرة
بحر الخطر بالبلد.. سمعوا دراديره
اصحوا .. تراها طلعت من جحرها كل حية
اصحوا.. تراها أسفرت كل النوايا الخفية
اصحوا.. تراكم دخلتوا في كل شي مو طبيعي
اصحوا .. وإلا افترقتوا ما بين سني وشيعي


شمس الربيع غربت .. جتكم شموس القيظ
حبوا الوطن والوطن .. شمسية وقت القيظ
أيام عسر الدهر .. كانت بلدكم غنية
كانت تطفي الخطر .. في صبرها والحمية
واللي انكسر في البحر .. ترفاه جف سخية
شاللي جرا يا بلدنا .. طبعج تحول مو مثل الأول
شاللي جرا يا دار
يمكن أيادي خفية .. خلت عيالج مطية
تمشي ورا كل تيار..شاللي جرا يا دار

شيلي الشحم عن جتوفج .. يا دار صفي صفوفج
خلي عيالج تحوفج
واسمعي النهام
اللي سهر ما نام
إلا على سيفج
جاج الخطر من يمينج .. جاج الخطر من يسارج
قظبي بيدينج وزارج .. وانهمي يا مال
يا تجيج الرفاقة .. بقلوب تقطر شفاقة
كل القلوب اتلاقى .. تتحد في الحال
كل البلاد اتواعد .. مثل الغيوم اتراعد
وعند الزمام اتساعد .. لي نهم يا مال


ويرجع الكل في واحد .. الدين والرب واحد
ونغني في صوت واحد

حنا هل الدار أولها وتاليها
حنا هل الدار شوكة بريل واطيها
حنا سراج اللي ضاعوا .. نشتري يوم باعوا


واللي يبيع الوطن .. مو مثل شاريها

14 يناير 2008

آآه منك يا روتين


أكره الروتين والتكرار الممل والدوران في حلقة لا جديد فيها ولا تجديد، وهذا ما يجعل من حياتنا كسولة نائمة مليئة بالقيود وتفتقر إلى كل أنواع الحيوية، وللأسف انتقل هذا الروتين إلى كل مجالات حياتنا السياسية والثقافية والأدبية والاجتماعية والنفسية والسياحية
فالاستجوابات مكررة لا تحمل سوى التحامل والتصيد، وردة الفعل مكررة أيضا، حياة ثقافية تدور حول نفسها منذ عقود، مسرح لم يعد مسرحا، أدب تقليدي محاط بخطوط حمراء لا تعد ولا تحصى، وقصيدة عمودية انكسر وزنها وضاعت قافيتها، حياة اجتماعية تغرق بالمجاملات الشكلية..الخ والخ
وعلى مستواي الشخصي، ورغم أني أعوذ بالسفر من الروتين إلا أنني وقعت في فخ روتين السفر، حتى أنني مللت السفر لأنه بات روتينا مملا، وأصبح بلا معنى

حتى في عالم المدونات الذي كنتُ أجد فيه ملاذي من التجديد وقراءة موضوعات متنوعة تكسر الروتين، فلم تعد هذه الكتابات موجودة، بل أصبحت تنصب في مجالات محصورة، وأعتقد بأن الجواب موجود لديكم أيها المدونون.. لماذا التكرار في الموضوعات؟ ولماذا التكرار بالأسلوب؟

أتمنى أن تنكسر معادلة
1 + 1 = 2
ليكن الناتج 3 أو 4 أو 5 أو ليكن الناتج صفرا، المهم أن لا يكون الناتج اثنين

أتمنى أن تتنوع الموضوعات، أن يتم تكسير بل تهشيم الروتين الممل، أن تتنوع القراءات، التفسيرات، التأويلات..أتمنى أن يتغير الخطاب السياسي للكتل البرلمانية، والخطاب السياسي للجماعات والتيارات السياسية كافة.. أن تتغير الرؤى لدى كل إنسان يعيش على هذي الأرض

لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب

هذا الحديث الشريف له مدلولات عديدة، فالمعنى الظاهر لهذا الحديث حسب معظم التفسيرات ترتكز على الواقعية، فالبيت كما هو بالمفهوم الواقعي والكلب كما هو بصورته الشكلية والملائكة كما هي ملائكة، فيكون التفسير واقعيا أيضا، أي أن البيت الذي فيه كلب لا تدخله الملائكة، لكن حين قرأتُ تفسير الإمام الغزالي الذي يقول

اعبر أنت أيضا من البيت الذي هو بناء الخلق إلى القلب الذي هو بيت من بناء الله تعالى، ومن الكلب الذي ذُم لصفته لا لصورته وهو ما فيه من سبعية ونجاسة إلى الروح الكلبية وهي السبعية. واعلم أن القلب المشحون بالغضب والشره إلى الدنيا والتكلب عليها والحرص على التمزيق لأعراض الناس كلب في المعنى وقلب في الصورة، فنور البصيرة يلاحظ المعاني لا الصور

أي أن الغزالي يذهب إلى أبعد من الصورة الظاهرة الواقعية ليتناول المفردات بأسلوب رمزي أكثر عمقا وبعدا ويبدو مقنعا جدا، فقد قال أن البيت شكلا هو القلب مضمونا وأن الكلب شكلا هو الصفات المذمومة مضمونا، وبناء عليه يكون القلب المليء بالشهوات والغضب والحسد والغيرة لا تدخله الملائكة التي هي الطمأنينة والاستقرار والطهارة

ومن هذا المنطلق، سوف أقرأ هذا الحديث ، أقول أقرأ ولن أقول أفسره حتى لا يتقوّل بعضُ الناس عليّ ووصفي بمسميات حسب اشتهائهم وأهوائهم، سوف أقرأ هذا الحديث من منظور عصري حديث ومن جوانب مختلفة

سأقرؤه بنظرة صحية، وأقول أن البيت هو جسم الإنسان وأن الملائكة هي الصحة والعافية وأن الكلب هو السيجارة (بما إني مدخن)، فتكون القراءة كالتالي
لا تدخل الصحة والعافية جسما مليئا بنيكوتين وقطران السجائر

وسأقرأ الحديث بنظرة فلسفية فكرية، وأقول أن البيت هو العقل وأن الملائكة هي المعرفة والعلم وأن الكلب هو التعصب والتزمت ورفض الآراء الأخرى، فتكون القراءة كالتالي
لا يدخل العلم ولا تدخل المعرفة عقلا أوصد التعصبُ والتزمتُ ورفضُ الآراء ووجهاتِ النظر الأخرى كلَّ أبوابـِهِ

وسأقرؤه بنظرة سياسية، وأقول أن البيت هو الوطن وأن الملائكة هي التنمية والارتقاء والتطور وأن الكلب هو العصبية القبلية والطائفية والحسد وسوء الإدارة، فتكون القراءة كالتالي
لا تدخل التنمية والتطور وطنا يموج بالعصبية القبلية الذميمة والطائفية اللعينة والحسد والاستجوابات الفارغة بلا معنى

وسأقرؤه بنظرة رومانسية، وأقول أن البيت هو القلب والشعور والإحساس وأن الملائكة هي الحب وأن الكلب هو الكراهية والأنانية، فتكون القراءة كالتالي
لن يدخل الحبُّ قلبا ممتلئا بالكراهية والأنانية والاستحواذية
أحبوا وتحابوا وتراحموا واغفروا


من كان منكم بلا خطيئة.. فليرجمها بحجر
لم أكن أعرف الموقف الذي قال به سيدنا المسيح هذه المقولة، ولكنني عرفته بعد حين

جاء مجموعة من اليهود إلى المسيح عيسى ومعهم امرأة زانية، وقالوا له، إن شريعتنا تطالبنا بأن نرجم هذه الخاطئة الفاجرة بالحجارة حتى الموت، فعقوبة الزاني هي الرجم، فماذا تقول؟
فقال لهم: من كان منكم بلا خطيئة.. فليرجمها بحجر
فانسحب الرجال واحدا تلو الآخر، لأنهم اكتشفوا أن الخطيئة تملأ حياتهم وأفعالهم وربما نفوسهم، فلا يوجد إنسان بلا خطيئة

إذا كان اللهُ يغفر الذنوب جميعا.. أنتم أيها البشر ألا تغفرون؟