27 مارس 2008

إننا محكومون بالأمل
وما يحدث اليوم
لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ
من كلمة المسرحي الراحل سعد الله ونوس (1941 – 1997) بمناسبة يوم المسرح العالمي التي ألقاها في 27 مارس 1996
---------------------------

اليوم هو يوم المسرح العالمي، ولكن سيمر دون اهتمام كبير يذكر إلا من بعض الأنشطة الصغيرة، وذلك بسبب فترة الانتخابات التي ستستمر قرابة الشهرين المقبلين، والتي ستتصدرها المواضيع السياسية والانتخابية وأسماء المرشحين والتحالفات والإشاعات والتضاربات والمضاربات أخبار الصحف وحتى المدونات، وبالتالي فإن أي موضوع يتعلق بالفكر والثقافة وحتى مواضيع الغزل والعشق والحب ستضيع هباءً، بل من الممكن أن تكون سخيفة لأنها تخالف الموضة الديمقراطية
لذا، من الأفضل أن يلتزم الفرد ُ خط الجماعة (بس مو الإسلامية ترا ماني إسلاموي) والتماشي مع الواقع الحالي والمشاركة في العرس الديمقراطي.. (ويا كثر العْروس هالسنة) الذي سيشهد حراكا على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية (شاي الضحى والدواوين) والسياسية والدينية والفتاوى المتطايرة.. ما عدا المستوى الثقافي والفكري الذي سيغيب عن هذا العرس الذي ترتفع فيه أسعار الخيام والموطورات (حلو موطور إي قولها موتور ليش طاء) ومولدات الكهرباء (إي قول جنيريترز)، كما ستنتعش أسواق الغنم والإبل وبالتالي القصاصيب (الجزارين) ويفرح معلمو الشاورما بالإقبال الكبير عليهم (ويا معلم كثر الطماط والبقدونس واللي ما يحب الطماط لا يصوت لهذا المرشح) وسينشط أصحاب المعجنات (خصوصا في الدوائر الأولى والثانية والثالثة بس هالله هالله بمعجنات شغل البيت تراها أحسن) وستنشط المطابع ويبدع مصممو البوسترات، حتى سوق الزل (السجاد) سيتحرك، وصنـّاع الكراسي بمختلف أنواعها ومقاساتها خصوصا كراسي المقاهي الشعبية.. لا تفهموني غلط ما أقصد كراسي الوزارة
وبما أن المرأة ستكون عنصرا فاعلا، سيشهد سوق الحلاقين إقبالا من بعض الشباب لتضبيط الأقفال (جمع قفل وهي السكسوكة المتصلة بالشارب..يكون شارحها يعني).. ولا أدري إذا كان سوق الكوافيرات (حدي قديم الحين اسمهم صالونات) سيشهد إقبالا أيضا.. كما ستنشط أيضا وسائل الإعلام من الصحف وقنوات التلفزة (هههه) والفضائيات والمواقع الالكترونية.. وميزة انتخابات هذا العام أن كل مرشح سيخصص له موقعا خاصا..عاد بعض الوجوه مو مال انترنت الشكوى لله
وفي ظل ما تقدم، فإن الواقع الثقافي والفكري سيكون غائبا، لأن –وللأسف الشديد- معظم المرشحين لا يأبهون بالقضايا الفكرية ولا يهتمون بالثقافة، وبالتالي فإن شعاراتهم الانتخابية ستكون كلمات استهلاكية تدغدغ مشاعر الناخبين أكثر من أن تكون شعارات ذات مضمون فكري وهدفا يسعى المرشح إلى تحقيقه من خلال البرلمان.. والدليل إنك إذا سألتَ مرشحا ليش مرشح نفسك قال: من أجل خدمة الوطن والمواطن..وإذا قلت له شلون تخدم الوطن والمواطن.. سيجيبك: أمشـّي مصالحه.. وإذا قلت له شلون.. بس بس خلاص انتهت الشلونات لو بكمل بقعد لي الصبح من دون نتيجة
الانتخابات المحترمة والمتقدمة (إذا سلمنا بهذا الأمر) لا تخلو من طرح متميز عقلاني ذي فائدة ثقافية ومعرفية (من صجي أنا؟!)..هذا على الأقل بالنسبة لي،، وأعتقد بأن صورة من صور الانتخابات المحترمة تتمثل في الشعار الانتخابي.. لأن الشعارَ انعكاسٌ على من تبناه
وبما أنني من ناخبي الدائرة الأولى (يالله السلامة) أعلن من هنا (اسم الله علي) إنني لن أصوت لأي مرشح أو مرشحة أو قائمة قبل أن يشدني شعاره الانتخابي، والاستماع إلى كلامه ما إذا كان مطابقا لشعاره الانتخابي أم مجرد ترهات (حاشني بُـفاق وأنا أقولها)، ثم وبعد الاتكال على العزيز الجبار ومشاورة أهل الحل والعقد الأخيار يتم الاختيار ويتلوه القرار
وكما قلتُ، أن جميع الأسواق ستنتعش ما عدا سوق الأفكار (مع إن كل شي في الحياة يبدأ بفكرة واللي ما عنده فكر أو فكرة ما عنده سالفة).. لذا سأطرح بعض الشعارات.. لعلها تكون بداية أفكار، وستجمعُ هذه الأفكارُ (الشعارات) بين الجد والهزل والفكاهة والصرامة والفلسفة والتفاهة، مع بعض التعليقات المتوقعة مني (بصفتي ناخب) على كل شعار (يعني أقترح وانتقد بنفس الوقت..أحلى شي التناقض).. وكل إنسان حر

ملاحظة: هذه الشعارات للبيع.. ليست للإجارة أو الاستعارة.. واللي يعجبه شعار يقرقش مخباته ويدفع.. ياللا عاد خلكم من العيارة.. وما يخدم بخيل

وبهذي المناسبة أشكر أبو خالد على مساعدته لي في وضع بعض الشعارات


الشعارات

الظلام لا يستمر طويلا.. كن مصدر الأمل
(أمل حياتي)

أنتم السد المنيع أمام إعصار الفساد
(إن يحرمونا يا حبيبي الغرام)

المستقبل بين يديك.. فاختر الأصلح
(صووحة..صلحلح.. بوصالح..نعم يمّا)

تموت الدياية وعينها في السبوس
(الدياية بألف ناقة)

لا تتشاءم..وشارك في التصويت
(خير إن شاء الله)

الصاحب ساحب والصوت ناهب
(آتشو.. يرحمك الله)

خلف النافذة نور ساطع.. تفاءل
(واللي مركب شتر!!)

صوتك يحدد نهاية النفق
(طلعنا من باب السور)

تعلم لتعيش
(عفوا هذي من مسرحية كويت سنة 2000)

انزع النظارة السوداء.. ماذا ترى؟
(الشمس قوية)

كلمة صدق في حق وطن
(شخبارك)

الجراح لا تشفيها الكلمات
(يازت لي)

يا صاجة ويا صاجة ما صدقتي
(الملكية الفكرية لعودة المهنا الله يرحمها)

ضاع الديك.. من دوّره
(أمُـكا شِسْموها..طريزا ماتيوس)

شفاه حائرة
(فيلم الموسم)

يا سعود فات من الشهر 25 ما شفت صوتك
(خايف عليك من القهر)

الحامل لها صوتين
(لا لا قديمة..الحامل لها الله..والله يرحمك يا النفيسي)

أنا الماضي يا هلي.. بحار يشهد محملي
(حق اللي يبي يعيدها لأيام الغوص)

اطلب تجد.. حنا لها
(مع توصيل منازل)

طار بالهوا شاشي وانت ما تدراشي
(لا شعار مو وطني..الكويتي أنفع)

دع الوشاة بما قالوا وما نقلوا
(يا عواذل فلفيلو)

عنبر أخو بلال
(يبين يوم 18 مايو)

الكويت شجرة.. ونحن فروعها
(خاص لأهل الزبير وجمعية المزارعين)

الكويت تستاهل..صوتك أمانة
(أمانة عليك يا ليل طول..وهات العمر من الأول)

من صادها عشا عياله
(فاهم الدنيا)

إذا رقمك فضي أحوله لك ذهبي.. بس صوت لي
(أقظب التراب أسويه كباب)

الروس نامت والعصاعص قامت
(والروس ليش نامت يبا؟)

اللي يبينا عيت النفس تبغيه.. واللي نبيه عيا البخت لا يجيبه
(يبين بعد الانتخابات)

معا نتحدى الفساد
(سيدي.. شالفرق بين الغزو والحرب؟؟)

صبر جميل والله المستعان
(إي ليش نازل)

ذئاب لا تأكل لحوم البشر
(هذا شعار ممنوع)

لا تكثر الدوس يا خلي تراهم يملونك
لا انت ولدهم ولا طفل يربونك
(والفهيم يفهم)


زبدة القول
هذه الانتخابات فرصة للتعبير وطرح موضوعات مباشرة، بأسلوب حضاري وراقي وليس على طريقة التجمعات العشوائية والصراخ وشتم الأفراد والمسؤولين ..فهناك أساليب ديمقراطية حقيقية راقية

فيا أهل الثقافة والفن والأدب إنها الفرصة لتوحيد الصف والمطالبة بمزيد من الحريات، والضغط على المرشحين لتأكيد حرية الإبداع، وإلغاء كل المواد القانونية واللوائح ولجان الرقابة المقيدة للحريات سواء الرقابة على الكتب أو الرقابة على المصنفات الفنية
يعني هذي فرصتكم يا جماعة (مبدعون كويتيون).. تحددون مطالبكم وتوجهونها إلى المرشحين كافة

ويا أهل الإصلاح، حددوا مواقع الخلل وحددوا سمات الإصلاح من غير عموميات، بل ضعوا أصابعكم مباشرة على الخلل، وقدموا اقتراحات مفيدة وعملية ليتبناها المرشحون ويطالبون بها في المجلس

ويا أهل الانفتاح الاقتصادي والاجتماعي.. ليكن صوتكم واضحا وصادحا بمطالبكم (والله ما افتكر) لكن لا ضير من المحاولة
فإذا كنتَ ليبراليا، فلتكن ليبراليتـُك واضحة ً وصريحة

وإلى آخره من المطالبات الواضحة والصريحة المبنية على الشفافية، لأن الكلام الملتوي والالتفاف حول المعاني هو ما أوصلنا إلى ما نعيشه الآن من الإحباط ولن أقول تشاؤم

أخيرا .. سأتوقف عن التدوين الثقافي والفكري أثناء هذه الفترة
وسنتابع ما ستنتهي إليه الانتخابات.. والله يعين

ملحوظة صغيرة في شأن التصويت بالبطاقة الانتخابية وضرورة الحصول عليها، وإلا لن يسمح للناخب بالتصويت

المادة 32 من قانون الانتخاب تقول

على كل ناخب أن يقدم للجنة عند إبداء رأيه شهادة قيده في جدول الانتخاب. وعلى اللجنة أن تطلع على شهادة جنسيته وأن تختمها بختم خاص
وفي حالة ضياع شهادة القيد تقبل اللجنة رأي الناخب بناء على شهادة الجنسية الخاصة به، ووجود اسمه بجدول الانتخاب

16 مارس 2008

الحــكــمــة

أليس من الحكمة الاطلاع على ثقافات ومأثورات الآخرين لكي يتسنى لك فهم أفكارهم وحِكمهم ناهيك بفهم المنطلقات التي ينطلقون منها؟
أليس من الأجدى قراءة تاريخ الأمم قبل تسفيهها ونقضها وكيل التهم لها ومهاجمتها وتكفيرها وإبداء العداوة.. إذ كيف تتمكن من فهم الآخر دون أن تقرأ تاريخه ومعتقده وثقافته؟
أليس من المفترض الاستفادة من فكر الآخر والغوص عميقا في معتقداته، والبحث عن الخط الدقيق الرابط بينها
ألم يكن الأمر الأول الذي أصدره القرآن هو اقــرأ
فالقراءة لا تعني فك الخط وقراءة الحروف، بل التمعن في ما وراء هذه الخطوط والحروف ومعانيها، إضافة إلى قراءة كل الرسائل الموجودة في الطبيعة والحياة والرسائل التي كتبتها الحضارات الإنسانية السابقة واللاحقة أيضا

ذكر لي صديق ذات مرة، أنه التقى مع مجموعة من الشباب في إحدى الدواوين الناقد والمفكر المصري الدكتور جابر عصفور أثناء زيارته الكويت في ديسمبر الماضي، وقال عصفور لهم إن أجمل دراسة قرأها لأدب نجيب محفوظ كانت لناقدين من إسرائيل، فقد فهما الروايات كلها وحللاها وأوّلاها وسبرا شخصياتها وأحاطا بكل تفاصيل ثقافة المجتمع المصري من خلال أدب محفوظ

وأنا أقول إن الإنسان العربي ممنوع من قراءة الأدب العبري، وقراءة الروايات والأشعار الإسرائيلية، أو هي ممنوعة عنه، وكذلك ممنوع من التواصل مع كل فن أو ثقافة لها علاقة بإسرائيل.. إذن كيف له أن يقرأ ويفهم ثقافة الآخر..ما جدوى المقاطعة الأدبية.. أليس من المفروض أن يتوفر الأدب العبري في المكتبات العربية بسهولة ويسر
ليس هذا وحسب، بل يجب أن يتم فتح المجال لكل الكتب وكل الثقافات وكل الأفكار وأن يترك المجال للفرد/الإنسان في تقرير الصالح من الطالح مما يقرأ، وتقديم الرهان على وعيه وثقافته، بدلا من المنع، لأن المنع لا فائدة منه ولا طائل بتاتا

فمن يمنحْ نفسَه الحق في الوصاية على عقول وقراءات الآخرين، ويقوم بمنع الكتب ويقاطعها، يعطِ دليلا قاطعا لا لبس فيه على عدم ثقته بنفسه ومعتقداته.. لأنه لو كان واثقا من معتقداته، ما مارس المنع
فسياسة المنع لا تمُت بأية صلة للعقل والحكمة

والحكمة لها معان عديدة، فهي الإتقان والعدل والعلم، وكذلك معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم
وقد ذُكرت الحكمة ُ مفردة ً مرات عديدة في القرآن، في سور البقرة والإسراء ولقمان وص
ففي الآية 269 من سورة البقرة
يؤتيَ الحكمة من يشاء ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتيَ خيرا كثيرا وما يذّكر إلا أولو الألباب
كما وردت مقرونة بالكتاب أيضا، مثلا في الآية 48 من سورة آل عمران ..ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل
وفي الآية 110 من سورة المائدة.. وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل

وبمناسبة ذكر التوراة والإنجيل، وتماشيا مع موضوع الاطلاع على الآخر، أوردُ هذه الحِكـَم من هذين الكتابين

أولا.. الشريعة أو التوراة أو العهد القديم
من كتاب (سفر) الأمثال
غاية الأمثال
هذه أمثالُ سليمان بن داود ملك إسرائيل
وغايتها أن تُعرِّفـَكَ الحكمة َ وحُسنَ الرأي وتبينَ لك الكلامَ المبينَ،
وأن تعلمَكَ مشورة َ العقلاء
وأن تهبَ الفتيانَ تعقـُّلا والشبابَ معرفة وتدبيرا
يسمعها الحكيمُ فيزدادُ علما والفهيمُ فيكتسِبُ هدايةً
ويتبينُ الأمثالَ وسرَّ معانيها وأقوالَ الحكماءِ وأحاجيَّهم

نداء الحكمة
الحكمة ُ تصيحُ في الشوارعِ، وفي الساحاتِ ترسلُ صوتَها
وفي رؤوسِ الأسواقِ تنادي، وعند مداخل المدينةِ تقولُ:
إلى متى يعشقُ الجهالُ الجهلَ، ويمدحُ الساخرون السخريةَ؟ إلى متى
يبغِضُ البلداء المعرفة؟

ارجعوا واسمعوا توبيخي، فأفيضَ من روحي عليكم وأجعلـَكـُم
تعرفون كلامي.
............
............
ولأنكم أبغضتـُم كلَّ معرفةٍ وما اخترتم مخافة الربِّ
وأبيتم قبولَ مشورتي واستهنتم بكلِّ توبيخ ٍ مني
فستأكلون ثمرة ضلالكم وتشبعون من ثمر معصيتكم
فالجهّالُ يقتلهم هذيانهم، والكسالى في لهوهم يبـيدون
من يسمع لي يسكن مطمئنا، ويأمن ولا يرعِبـُهُ شر

فوائد الحكمة الإصحاح الرابع
كنتُ ابنا صغيرا لأبي وولدا واحدا لأمي
كان يرشدني فيقول:
ليتمسك قلبك بكلامي، واحفظ وصاياي فتحيا
اقتن ِ الحكمة واقتن ِ الفطنة، ولا تنسَ ولا تحِد عن كلامي
لا تترك الحكمةَ فتحرُسَك. أحِبَّها فهي التي تنصرك
الحكمة رأسُ الأشياءِ فاقتـنِها، واقتن ِ الفطنة بما ملكت يداك
انتزعها فترفعَكَ إلى العلاء، واعتنقها فهي التي تمجدك
هي إكليلُ بركةٍ لرأسك وتاجُ مجدٍ وُهِبَ لك

تمجيد الحكمة الإصحاح الثامن
اسمع الحكمة َ تنادي، وجهارا ترفعُ صوتـَها
من على رؤوس القممِ وفي دروبِ ومفارقَ الطرقاتِ
وبجانب الأبوابِ عند مدخل المدينةِ، وفي النوافذِ ها هي تصيحُ:
أنا أناديكم أيها الناس وأقول لكم يا بني آدم:
على الجهال أن يتعقلوا، وعلى البلداء أن يتعلموا الفهم
وبالكلام الصريح أنطقُ فاسمعوا، وبالاستقامةِ أفتحُ شفتيّ
لأن فمي يلهجُ بالصدق ِ، وشفتيّ تمقتان ِ الكذبَ
كلامُ فمي كلـُّهُ صدقٌ، لا التواءَ فيه ولا اعوجاج
كلـُّهُ مقنعٌ لدى الفهيم ِ، وقويمٌ عند من وجدَ المعرفةَ
خذوا مشورتي لا الفضة واختاروا المعرفة لا الذهب
فالحكمة ُ خيرٌ من اللآلئ، وكلُّ الجواهرِ لا تساويها
تقول: أنا مع رجاحةِ العقل، ولي المعرفة ُ وحسنُ التدبير

أمثال سليمان الإصحاح الثامن عشر
من يحبُّ المشورة َ يحب المعرفة، ومن يبغضُ التوبيخ فهو غبي
الربُّ يرضى عن الصالحين، ويدين من يذم الآخرين
الإنسان لا يثبتُ بالشر ومن كان صدِّيقا لا يتزعزع
.......
.......
الإنسان يُمتدَحُ لتعقـُّلِهِ، ولضلال ِقلبِهِ يُحتقـَرُ
العامِلُ قليلا ولنفسِهِ، خيرٌ من مُكابدٍ يعوزُهُ الخبزُ
الصِّـدّيقُ يصونُ حتى حياة بهيمتِهِ ، أما الشريرُ فقـلـبُهُ لا يرحمُ
من فلح أرضَهُ شبعَ خبزا، ومن تبع البطالين أوعزَهُ الفهمُ
مدحُ الشرير مصيدة ٌ له، والثناء على الصّديق يُفسِدُهُ
زلل الشَّـفتين يوقِعُ في السُّوء، أما الصّديقُ فيخرجُ من الضيق
من طاب كلامُهُ يجازى خيرا، وعلى حسن ِ أعمالِهِ يُجازى
طريقُ الأحمق ِ قويمٌ في عينيه، أما الحكيمُ فيسمعُ ويتعظ
كدرُ الأحمق ِ يُعرفُ في الحال، وهوانُ الرجلِ الذكي يحيطـُهُ الكتمان
الشاهدُ الصادقُ ينشرُ الحقَّ ، والشاهدُ الكاذبُ يظهرُ المكرَ
هناك من كلامُهُ كطعن ِِ الحربةِ، أما كلامُ الحكيمِ ففيهِ الشفاء
القولُ الصادقُ يثبتُ إلى الأبد، أما الكذبُ فحبلـُهُ قصير
المكرُ في قلبِ من يزرعُ السُّوءَ، والفرحُ لمَنْ يعظُ بالسلام

........
........
الرجلُ الذكي يكتمُ معرفتـَهُ، والبليدُ يعلنُ حماقة َ قلبـِهِ
الأيدي المجتهدة ُ تسودُ ، والمرتخية ُ تخدمُ بالسُخرةِ
القلقُ في قلبِ الإنسانِ يؤلمُهُ، والكلمة ُ الطيبة ُ تفرِّحُهُ
....
الخاملُ لا يصيبُ صيدا ، وأثمن عند الإنسانِ حرصُهُ
في السبيلِ الصادق ِ حياة ٌ، وفي الرجوعِ عنه موت


ثانيا.. البشارة أو الإنجيل أو العهد الجديد
واعتمدتُ إنجيل لوقا من بين الأناجيل الأخرى..متى ومرقس ويوحنا

الإصحاح 6 الآيات من 27 حتى 36

محبة الأعداء
ولكني أقول لكم أيها السامعون: أحبوا أعداءكم، وأحسنوا إلى مبغضيكم (28) وباركوا لاعنيكم، وصلوا لأجل المسيئين إليكم (29) من ضربك على خدك، فحوّل له الآخر. ومن أخذ رداءك، فلا تمنع عنه ثوبَكَ (30) ومن طلب منك شيئا فأعطِهِ، ومن أخذ ما هو لك فلا تطالب به (31) وعاملوا الناس مثلما تريدون أن يعاملوكم
(32) فإن أحببتم من يحبونكم، فأي فضل لكم؟ لأن الخاطئين أنفسهم يحبون من يحبونهم (33) وإن أحسنتم إلى المحسنين إليكم فأي فضل لكم؟ لأن الخاطئين أنفسهم يعملون هذا
(34) وإن أقرضتم من ترجون أن تستردوا منهم قرضكم، فأي فضل لكم؟ لأن الخاطئين أنفسهم يُقرِضون الخاطئين ليستردوا قرضهم (35) ولكن أحبوا أعداءكم، أحسنوا وأقرضوا غير راجين شيئا. فيكون أجرُكم عظيما، وتكونوا أبناء الله العلي، لأنه يُنعمُ على ناكري الجميل والأشرار (36) كونوا رحماء كما أن الله أباكم رحيم

إدانة الآخرين
لوقا الإصحاح 6 الآيات 37 – 38
لا تدينوا، فلا تـُدانوا ، لا تحكموا على أحدٍ فلا يُحكمُ عليكم. اغفروا، يُغفرُ لكم، أعطوا، تُعطوا: كيلا ً ملآنا مكبوسا مهزوزا فائضا تـُعطون في أحضانكم، لأنه بالكيلِ الذي تكيلون يُكالُ لكم

لوقا 6 : 41 – 42
لماذا تـنظرُ القشة َ في عينِ أخيك، ولا تبالي بالخشبةِ في عينك؟ وكيف تقدرُ أن تقول لأخيك: يا أخي دعني أخرجُ القشة َ من عينك، والخشبة ُ التي في عينك أنت لا تراها؟ يا مرائي، أخرجْ الخشبة من عينك أولا، حتى تبصر جيدا فتخرِجَ القشة َ من عين أخيك

الشجرة وثمرها
لوقا 6 : 43 – 45
الشجرة ُ الجيدة ُ لا تحملُ ثمرا رديئا، الشجرة ُ الرديئة ُ لا تحملُ ثمرا جيدا. كلُّ شجرةٍ يدلُّ عليها ثمرُها. فأنت لا تجني من الشوكِ تينا، ولا تقطفُ من العليق ِ عنبا. الإنسان الصالحُ من الكنزِ الصالحِ في قلبـِهِ يخرجُ ما هو صالحٌ، والإنسانُ الشريرُ من الكنزِ الشرير في قلبـِهِ يخرجُ ما هو شريرٌ، لأن من فيض ِ القلبِ ينطقُ اللسان


لوقا الإصحاح 7 الآية 36 وما تلاها

يسوع يغفر لامرأة خاطئة
ودعاه أحد الفرّيسيين إلى الطعام عنده، فدخل بيت الفرّيسي وجلس إلى المائدة. وكان في المدينة امرأة خاطئة، فعلمت أن يسوعَ يأكل في بيت الفريسي، فجاءت ومعها قارورة طيب، ووقفت من خلف عند قدميه وهي تبكي. وأخذت تبلّ قدميه بدموعها، وتمسحهما بشعرها، وتقبلهما، وتدهنهما بالطيب
فلما رأى الفرّيسي صاحبُ الدعوةِ ما جرى قال في نفسه : لو كان هذا الرجلُ نبيا، لعرف من هذه المرأة التي تلمسه وما حالها. فهي خاطئة
فقال يسوعُ : يا سِمعان، عندي ما أقوله لك. فقال سمعان: قل يا معلم. فقال يسوع: كان لمُداين ٍ دينٌ على رجلين، خمسمئة دينار على أحدهما، وخمسون على الآخر. وعجز الرجلان عن إيفائه دينَـهُ. فأعفاهما منه. فأيهما يكون أكثرَ حبا له؟
فأجابه سِمعان: أظن الذي أعفاه من الأكثر. فقال له يسوع : أصبت. والتفت إلى المرأة وقال لسمعان: أترى هذه المرأة؟ أنا دخلتُ بيتك، فما سكبتَ على قدميَّ ماءً، وأما هي فغسلتهما بدموعها ومسحتهما بشعرها. أنت ما قبلتني قبلة ً ، وأما هي فما توقفت منذ دخولي عن تقبيل قدمي. أنت ما دهنتَ رأسي بزيت. وأما هي فبالطيبِ دهنت قدمي. لذلك أقول لكَ: غـُفِرتْ لها خطاياها الكثيرة. لأنها أحبت كثيرا، وأما الذي يُغفَرُ له القليل، فهو يحبّ ُ قليلا. ثم قال للمرأة : مغفورة ٌ لكِ خطاياكِ
فأخذ الذين على المائدة معه يتساءلون : من هذا حتى يغفر الخطايا؟
فقال يسوع للمرأة : إيمانـُكِ خلَّصَكِ، فاذهبي بسلام

06 مارس 2008

أربعاء يرحل.. وأربعائيات خالدة

سيكتبون ويقولون .. الوزير الأسبق.. النائب السابق.. المناضل السابق.. السياسي المحنك.. الكاتب الصحفي.. أستاذ الفلسفة.. ولكن
هل سيقولون.. المتصوف في محراب الوطن
هل سيقولون.. عاشق الأرض والإنسان
هل سيقولون.. الشاعر والفيلسوف والمعلم
أجل أنت معلمي وأنا تلميذك
هل سيعرفون .. بأنك شيخي وأنا مريدك
هل سيدركون.. معنى العشق الصوفي في قلبك
هل يدرون بأن أربعائياتك كانت كمحاضرات سقراط لكنهم آثروا إعدامها بدس سم التفرقة والبعثرة والشتات في كل نبضة حب كتبتها لهم
هل أنت غاضب؟؟
أغاضب أنت لأننا لم نستوعب دروس الأربعائيات فقررت الرحيل في يوم الأربعاء
أعترف لك بأنني أحفظ أربعائياتك .. سأعيدها على مسامعك لأثبت لك بأننا نحفظها


الحفلة العجيبة!

كنا ثلاثة، أنا والفأس والشجرة! كانت الشجرة تنظر إلي الفأس بحسرة! وكان الفأس ينظر إلي بقلق، وكنت أحدق في الفضاء البعيد!فجأة رأيت الشجرة جثة هامدة! كانت تنزف دما، وكان ريشها الأخضر يتناثر في الحديقة. فقدت بهاءها الجميل وعنفوانها الجامح، لقد سقطت مضرجة بدمائها، لقد رحلت إلى غير رجعة! وصحيح أن الأفق أصبح أكثر اتساعا، لكن الهواء أصبح أكثر تلوثا، والقلب أصبح اقل رحمة!كنا اثنين، أنا وأمي! عندما كنت صغيرا كانت تخاف علي وكنت أخاف منها! حين كبرت كانت تخاف علي وأخاف عليها، وعندما رحلت لم يعد هناك شيء أخاف عليه!الأم هذا الجسر الملون المزركش الذي نعبر عليه فوق بحيرة آلامنا وأحزاننا الصغيرة! تتحمل كل فواجع العالم ليظل الأطفال يتبسمون، تتحمل كل الآلام من اجل أن يظل الأطفال دون الم، تتحمل الوحشة ليشعروا بالسعادة، وتتحمل الغربة ليشعروا بالاطمئنان!كنا واحدا، أنا وأنت، كلما حدقت فيك وجدتني! وكلما نظرت في مرآة نفسي وجدتك! عندما انجرحت خدودك لمست وجهي فكانت الدماء تملأ يدي! وعندما سمعتك تبكي كانت الدموع تنزف من عيوني، وعندما كنت تغني كنت صدى صوتك الجميل!كيف يكون الواحد غير الواحد! الأثرة تدل على الأثر! وأنا وأنت خلقنا ذات صباح جميل، كان الرذاذ يملأ المكان، وكانت رياح الشمال تعطر الشوارع، وكانت رائحة بخور وسنديان، كان صباحا غير كل الصباحات، رائحته ليست كالروائح المعتادة، ألوان قوس قزحه انعكست على البحيرة! لم يكن في الوجود إلا أنت وأنا والمحبة.عندما كنا ثلاثة غادرتنا الشجرة، كانت ضحية التحديق ببلاهة في الفضاء البعيد! وعندما كنا اثنين لم نكن ندرك معنى الأمومة! لقد اكتشفنا تلك البحيرة المسحورة بالمحبة بعد فوات الأوان! وعندما كنت وحيدا، لم أكن وحيدا! هناك شجرة ميتة! وصرخت: «أرجوك.. توقف»!


أرجوك قبل أن تغضب، سأخبرك بهذا السر، فقد كنت أبكي كلما قرأت هذه الأربعائية بالذات.. استمع إلي وأنا أردد هذه الأربعائية أيضا


ليلة من ذاكرة قديمة

يحاصرنا البحر. لا عاصم اليوم من أفق اسود، وبوصلة خانها الريح فانكفأت! جاءنا المتشرد في وسط الموج وانزلقت دمعة كان يغالبها. صرخ المتشرد «لا أعرف كيف يمر الإنسان بدرب الدمع. لا أعرف أن أيأس! الخضرة دبت في خشبي والمنفى، وشموع تتلقح في قلبي، وصراخ أُهمل أعواماً.. لا يغضب لا يبكي وتواطأت مع الأيام.. نسيت، وفاجأني»! كان المتشرد ينضح عرقاً، اختلط العرق المتناثر بالدمع فكان لقاء الماء الدافئ بالماء الدافئ، كان البحر عنيفاً، يرسل للموج إشارته فتزلزل أركان سفينتنا. كان البرق يضيء وجوه البحارة فنلمح فيها مزيجاً من غضب وشموخ لا يعرفان حداً!عاد المتشرد للتو وكان بهي الطلعة «دلتــني الأشعار عليك.. فكــيف أدل عــليك بجمرة أشعاري؟ جعلتني الدمعات كمنديل العرس طرياً.. لا أجرح خداً، خذني وامسح فانوسك في الليل نشع بكل الأسرار.. وأعيذك أن تغضب مني أنت المطوي عليك جناحي في الأسحار»!قبل عبور الليل إلى مرفأ صبح من أيام الله لمحت المتشرد، كان يتمتم عشقاً.. جاء سفينتنا فجراً، انتبه البحارة وازدادوا تصميماً. كان المتشرد ينشر في ألواح الخشب المتهالك روحاً، وبأرواح البحارة روحاً، كان المتشرد ينثر ورداً أحمر، وشهدنا توقيع الهدنة بين السفن الصعبة والبحر، وتمتم «صنعتني ليلة حب أمي. أقطر في الليل. واسأل ثلج الإنسان متى سيذوب. تركتني فوق تراب البستان الدافئ يجمعني الفقراء، ومر غريب.. يعرف قدر الزهر، فأفرد حجريه لروحي وتساقطت له ذلك مكتوب».كانت ليلة.. تختلف عن كل الليالي! تجربة متفردة اجتمعت فيها النوارس وأعلنت العصيان المدني على الانحناء.. واتحد فيها البحارة بأجسادهم الهزيلة مع خشب السفينة.تلك الليلة.. يستحيل أن تمحى من الذاكرة!

أجل.. ليالٍ كثيرة لا تمحى من الذاكرة.. ربما تنطفئ كل الشموع لكن شمعة الذكرى تبقى مشتعلة.. مضيئة.. أجل مضيئة
أتذكر يا معلمي.. حين غنينا سويا
غريب الدار عليَّ جار زماني القاسي وظلمني
مشيت سواح مسا وصباح.. أدور على اللي راح مني

ثم داعبتُ الأوتار لتشدو أنت بصوتك العطوف
يا منيتي.. يا سلا خاطري وأنا أحبك يا سلام
ليش الجفا .. ليش تهجرني وأنا .. أنا أحبك يا سلام

أتذكر وتذكر وتذكر
أتذكر تلك الأمسية التي أعلنت فيها أنها الخاتمة.. ونقلت لنا جدارية محمود درويش
أتذكر حين كنا في اليمن أنت البرلماني وأنا الإعلامي.. فقد كنت نجما لامعا في نقاشك وفي حضورك
أتذكر حين كان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح يناديك باسمك دون ألقاب.. يا أحمد
أتذكر بعد الهزيمة النكراء في انتخابات 1996 حين واسيتنا بكلمات رقيقة، لتزيح عن كاهلنا حمل الشتائم ومرارة الهزيمة.. ثم كتبت بيانا لن ينساه أهالي الدائرة الثامنة
أتذكر قبل انتخابات 1999 حين جلسنا نتحاور ونتباحث في شأن شعار الحملة الانتخابية أتذكر.. كان شعارا لن ينساه إنسان

الكويت ما زالت جميلة.. تفاءلوا

ذلك لم يكن شعارا .. بل كان نصيحة.. وصية.. سنحملها على كواهلنا ما حيينا
أعدك بذلك صدقني أعدك.. وأنا متأكد ومتيقن من أن الجميع يعدونك بذلك

أيها المتصوف الكبير
حين يدور حديث الموت عند الناس كافة فإنهم يبكون.. لكنك أنت وحدك من جعلت لحديث الموت ابتسامة المتفائل
أثناء رحلة علاجك.. كان والدي يسألني "شلون صحة الربعي".. لكن القدر لم يمهله كي يطمئن عليك، رحل قبل أن تعود.. وها أنت الآن تلحق به.. سأحملك سلاما كبيرا عظيما توصله إلى والدي
ها أنتما تغيبان أيها الحبيبان.. وماذا أقول لكما
كلماتي لا تسعفني في حضرتكما يا من علمتماني الكثير والكثير في هذه الحياة
تأكدا أنكما حاضران.. أجل حاضران
أنت قلت ذلك يا معلمي وشيخي الأكبر.. أجل أنت قلت ذلك
ألم تنشد هذه القصيدة.. إلى عمود الخيمة

غياب المحب حضور الغياب ... وصمت المحب كلام العتاب
جميل بهاؤك عند الحضور ... جميل حضورك عند الغياب
ونحن حضور بغير حضور ... ونحن سكارى بغير شراب
فيا أنت من أنت غيري أنا ... توحد هذا بذاك العذاب
سواك غياب سواي حضور ... فكيف يسمى حضورا غياب
بعيد تغربت يا منتهاي ... فمن يمنح الروح أحلى اغتراب
سكبت دموعي سكبت دمي... ففي الحالتين جوى واكتئاب
عذاب يلف عذابا بصمت... ففي الحالتين يكون العذاب
تقربت منك فصار بعادا ... ورحت بعيدا فصار اقتراب

اطمئن يا معلمي اطمئن ونم قريرا مرتاحا هانئا.. سأحقق لك وعدي الذي وعدتك إياه في رسالتي الأولى حين كنتَ مسافرا للعلاج.. كنتُ أسعى إلى بث الأمل لك.. كنتُ أكشفُ عن حبي الصادق لك.. نعم تلك الرسالة أتذكرها..فقد قلتُ فيها


أيها المعلم الأول
إن التحيات كلها لن تبلغ ذرة واحدة من حرف أنت كتبته من أجل المحبين
فمهما قلتُ ومهما بدأتُ بالتحية المعتادة، فإنني لن أفيك حقك
ورغم ذلك فإنني أبدأ بتحية المحبة الصادقة
الحب والسلام والطمأنينة
معلمي وأستاذي
إن كنت تخاف على الشجرة من الفأس، فثق تماما بأن الفأس سوف تنكسر إن لم تكن قد انكسرت فعلا..والشجرة باقية باسقة لن تخاف فأسا يهرق دمها..أو نجارا يخدش حياءها لأن الشجرة هي الأصل والفأس الخشبية هي النسخة المصنعة من تلك الشجر الأصيلة التي ترسخت جذورها في الأرض وبسقت فروعها إلى السماء.. لأنها شجرة أصيلة لن ترهبها أو تحيدها عن سموها حفلة عجيبة
سيدي ومعلمي
كن على يقين بأن البحر لن يحاصرنا ، وأن عاصما آخر غير الأفق الأسود سوف يعصمنا، ربما كان أبيض أو كان زهري أو كان أو كان.. لكنه لن يكون أسود قاتما،، وأن البوصلة ستدلنا على الدرب.. ومهما خانتها الريح فإنها لن تنكفئ
وكما قال ذاك المتشرد في "ليلة من ذاكرة قديمة" حين عاد بهي الطلعة وقال
دلتني الأشعار عليك.. فكيف أدل عليك بجمرة أشعاري؟
جعلتني الدمعات كمنديل العرس طريا
لا أجرح خدا، خذني وامسح فانوسك في الليل نشع بكل الأسرار
وأعيذك أن تغضب مني .. أنت المطوي عليك جناحي في الأسحار

يا معلمي
إن كان علماء الكيمياء الحيوية والفيزياء وعلماء الأحياء وعلماء الذرة قد قالوا أن عناصر الكون الأساسية أربعة..التراب والماء والنار والهواء
فهم ناقصون.. لأن عنصرا خامسا يجمع بين تلك العناصر إن لم يكن هو العنصر الأول والأهم..وهو الحب
الحب غير المقلد.. غير الممازح
وكما قلت يا معلمي
هناك قمصان مقلدة، وساعات مقلدة، وأحذية مقلدة، ولكن ليس هناك بصمات أصابع مقلدة!، ليس هناك ولادة مقلدة، ولا موت مقلد، ولا عشق مقلد، بصمة الأصابع والولادة والموت والعشق هي أسئلة كونية كبرى حقيقية، وأكبر أخطائنا هو أن نمازحها، أن نظن بإمكان تقليدها!
يا سيدي ومعلمي
يبقى الأصل ويبقى الحب وتبقى الكلمات.. وتبقى أنت يا أستاذي ومعلمي
فلك مني كل التقدير والتحية والمحبة الخالصة

أعتذر لأن الرسالة كانت طويلة لكنها لم تعبر بعد عما يضمه عقلي وقلبي وخاطري وشعوري من محبة


ابنك وتلميذك ومريدك

عبدالله الفريح