21 نوفمبر 2007


شمسٌ تواري ابتسامةً خلف ثلوج ِ السماء
كطفلةٍ تداعب حلما
أو خيالٍ يتوعدُ حبا، بقبلة عند اللقاء
............
........
.....
...

بين قطرة العنبر فوق خدّكِ وبيني
شبرٌ واحد
أشتاق إليها.. لتدغدغني
ألمسُها.. أتنشقُها .. أقبلُها
لكنكِ تحرميني
فلا أستطيع أن أكتبَ سورة جديدةً في الحب
.
..
....
........


عندما تداعبين مفاتيح الكمبيوتر
وتنقشين قصيدةً لن يفك طلاسمها سواي
يرتسِمُ الحبُ بدرا كاملا أمام مرآي
وأغادر مكاني لأرتمي بين أحضانك
تهدهديني
وتُسقطين قطراتِ اللهفة فوق جبيني
حينها أقول
أن الشمس نضت عنها الغيوم
وأشعلت لؤلؤَها في وجه السديم
وحينها سأعلن
أحبك.. بلا خوف
وأحبـك.. بلا اسـتـثـنـاء
وأحبـــك... بلا قـــيــــــــود
وأحبـــــــك... بلا حـــــيــــــــــــاء
.....
...........
.................

................................................

حلقي فوق السحاب

وتمتعي بالشمس

فمؤكد أن اليوم

لن يكون كالأمس


ما أجملها الحرية

الصور من تصويري المتواضع

أحب أن التقط الصور من الأعالي

خصوصا من الطيارة

فوقي الشمس وتحتي الغيوم

وأنا محبوس في الطيارة..آخ لو أقدر انطلق

في الصورة الأخيرة عجبني منظر الغيوم

كأنه بساط من الثلج

وتعمدت أبين جناح الطيارة علشان أثبت إنها غيوم وليست ثلوجا

14 نوفمبر 2007

أنــا وجـــودي

وجودي، نعم أنا وجودي، وليس بالضرورة أن يكون الوجودي ملحدا، كما يعتقد كثيرٌ من الناس ولاسيما من يرفضون التفكير بعقل متفتح أولا ما هي الوجودية؟
هي فلسفة، جوهرها أن الإنسان.. يقف وحده أمام المجهول، وأنه مضطر دائما أن يختار حياته وقوانينه، وأن يكون مسؤولا عن هذا الذي اختاره، وأن مسؤوليته هذه أمامه وأمام الناس جميعا، وأن الناس معه دائما
والوجودية أيضا هي فعل مستمر يقوم به الإنسان عندما يفتش في نفسه وخارجها عن إمكانيات الحياة. إنها تبحث عن الحياة، يقوم به الفرد دون تقيد بأسماء أو عناوين أو لافتات أو حملة المباخر من كهنة التاريخ أعداء الإنسانية
المادة 30 من دستور الكويت
الحرية الشخصية مكفولة
إذن أنا حر في اختيار توجهي في الحياة ومنهجي وفلسفتي..حسب ما أعتقد، ولكن هل هذه الحرية للفرد مكفولة حقا، وحرية قول ما أريد مكفول أيضا
المادة 36 من الدستور
حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون
وهل أعيش وحدي لكي أكون حرا أم أعيش مع أناس آخرين، وهل يؤثر هؤلاء الآخرون على رأيي وحياتي وتوجهاتي أم هم لا يؤثرون، وهل بإمكاني أن أعيد النظر في وضعي الخاص الفردي وأنا وسط المجتمع
يقول الوجوديون..الفرد يجب أن يكون له رأيه في الناس حوله، ولكن الفرد يولد عادة فيجد له اسما وطبقة اجتماعية ولونا ودينا وحزبا سياسيا ونقابة مهنية، فمن حقه أن يعاود النظر في هذا كله، وأن يوقع بإمضائه على كل هذه الشيكات التي أعدت له ليوقعها على بياض، من حقه أن يعرف لماذا وقع هنا ولحساب من؟ وهل لهذه الشيكات رصيد أو أنها شيكات بلا رصيد؟ وإن كان للإنسان الفرد دين معين ومعيشته في مجتمع له دين مغاير، فليس معنى ذلك أن يموت بأقليته، وأن يتحطم بصراخ الأغلبية
لابد إذن أن يكون له موقف من نفسه ومن الناس.. إنه حر
وإن آمنتُ أنا بالحرية، هل يؤمن غيري بها، أم أنهم يكرهونها وبالتالي يكرهون الوجودية؟
يقول الوجوديون..نعم يكرهها الذين يخافون من الوجودية، لأنها تنبه الناس إلى جوهرهم فالإنسان الحر هو الذي قام بعمل من الأعمال فأصبح مسؤولا عنه، لأن الحر وحده هو المسؤول عما يعمل، أما العبد الذليل فليس مسؤولا عن شيء، لأنه ليس حرا في عمل شيء

والمجتمع؟؟
والمجتمع الذي يحس أفرادُهُ بأنهم أحرار، هو المجتمع الذي يحس أفرادُهُ بأنهم مسؤولون عما يفعلون. إنهم مجتمع من الرجال، وليس مجتمعا من الأطفال أو الأرقاء

والدين وحرية الاعتقاد؟
يقولون.. هل لأن بعض الوجوديين مؤمن وبعضهم كافر، تصبح الوجودية شرا وكفرا؟ هل إذا كانت الوجودية دواء ابتكره بعض المسيحيين، يصبح حراما على المسلمين استخدامه والاستفادة منه؟ إننا نريد حياة ووعيا تحت أي أضواء فلسفية أو دينية أو لا دينية أو أدبية

إذن أنا أملك حق الاختيار؟
يقولون.. الاختيار هو الفعل الذي يميز بين الإنسان وبين غيره من الحيوانات والجماد.. فالفرد هو وحده الذي يوجد، والوجود معناه التغير في حدود الإرادة أو حدود الشخصية وإرادة الله
والإنسان الذي يختار ويقرر ويتردد ويخاف ويقلق ليس هو العالم، بل هو الفنان، بل هو الإنسان.. أما العالم فليس حيا، بل هو مستمر في عاداته، وتأملاته كاستمرار الصخور

إذن ما هي القيود؟
يقولون
من الذي يصنع القيود من حديد؟
من الذي يمد ساعديه لهذه القيود؟
من الذي يضع الورد على القيود ويصلي شاكرا؟
إنه الإنسان
من الذي يمد لسانه إلى السكين؟
من الذي جعل من شعر رأسه قضبانا من حديد، يعتقل وراءها أفكاره؟
من الذي يضع عدادا لدقات قلبه؟
من الذي يمسك الكأس كل يوم ويرى حريته في أن يظل عبدا لها؟
إنه الإنسان
من الذي يصنع الوتد بيديه، يسويه بأصابعه، ويقبله بفمه، ويخاطبه بقلبه؟
من الذي يصنع آلات الإنتاج.. ويتحول عرقه إلى زيت، ولحمه إلى شحم، ودمه إلى فحم؟
إنه الإنسان دائما
حاولت أن أحدد القيود التي تقيدني في هذه الحياة وبدأت تعدادها
ولدت.. ومن المؤكد سيأتي يوم النهاية، إذن هذان أول قيدين ليس لي مهرب منهما..ثم رأيتُ الآخرين موجودين إذ لا يمكن أن أكون وحيدا في هذه الحياة.. وأيضا ولدتُ من عائلة لها أصل وجذور ولا يمكن تغيير أصولي وجذوري وانتمائي العائلي.. إذن هذه القيود التي أعيش ويعيش كل إنسان لا يستطيع تغييرها..الولادة والموت والآخرون والأصول
ووجدت قيودا أخرى بعضها أستطيع تغييره وبعضها لا أستطيع، مثلا ولدتُ كويتيا وهذا القيد أحبه كثيرا وسأبقيه مدى الحياة، فكثير من البشر يحبون تغيير جنسياتهم وأنا لست منهم، ولدتُ وقد تم تحديد الدين الذي سأدين به (وإن فكرت بتغييره سيتبرأ مني المجتمع)، وبالتبعية فقد ولدتُ ووجدتُ أنني انتمي لمذهب أيضا لم أختره (وإن فكرت بتغيير مذهبي سيتبرأ مني أهلي)..فهل استطيع أن أغير ديني ومذهبي اللذين لم أخترهما؟
أحب الموسيقى والفن والمسرح لكن أهلي لم يسمحوا لي بدراستهم، فكانت دراستي غير ما أحب، وكان اختياري بين يدي لكنني وضعتُ قيداعلى نفسي وهو إرضاء أهلي..أما اختيار الوظيفة كان باختياري نوعا ما وتحقق ما أريد أيضا نوعا ما
وبعد هذا.. هل أنا قادر على اتخاذ قراراتي الشخصية التي لن تضر أحدا بحرية مطلقة؟
يقول الوجوديون..إننا كالسمكة التي وقعت في الشبكة ولكن من أين جاءت خيوط الشبكة؟
هذه الخيوط قد صدرت عنا، كما تصدر خيوط الحرير عن دودة القز التي تنسج كفنها وتموت
فالمجتمع الذي نولد فيه مليء بالقيود، قيود الأسرة وقيود الدين وقيود الطبقة.. والإنسان هو الذي يختار من القيود ما يشاء ويرفض منها ما يشاء
الشخصية ليست حالة، وإنما هدف، إنها غاية يعمل الإنسان لتحقيقها.. إنها كفاح وانتصار على العبودية، عبودية الأسرة والمال والسياسة والدين والمجتمع
وكلما ارتبط الإنسان بما هو شخصي كان أسمى، وكان أكثر حرية، وكلما كان ارتباطه بما ليس شخصيا كان أحط.. أو كان حيوانا
إذن هل حريتي في خطر؟
يقول الوجوديون.. الخطر إذن يوجد عندما يوجد الآخرون من الناس
كل إنسان يقاوم نظرة الآخرين، لأن نظرة الآخرين عبث به، وبحريته وبوجوده
إن حريتي في خطر، وحريتك أنت الآخر في خطر.. إنني لست وحدي، ولذلك لست ُ حرا
إن نظرات الآخرين هي الجحيم! لقد قالها سارتر في أروع مسرحياته..في مسرحية جلسة سرية
واستشهد بهذا الموقف الذي اقتبسته من كتاب الوجودية لأنيس منصور كما اقتبستُ آراء الوجوديين إذ يقول
وقد حدث في أوائل الثورة الروسية أن كان الفيلسوف الوجودي برديائيف يلقي محاضرة في الفلسفة الوجودية، فلم يكد يفرغ منها حتى همس في أذنه صديق قائلا:إنك تجدف
فقال الفيلسوف: وكيف؟
قال صديقه: إنك تتحدث عن حرية الفرد وعن الاستقلال العقلي ضد طغيان الجماعة واستبداد الحاكمين..إن هذه سلعة تجمعها الحكومة من السوق تمهيدا لاعتقال المتجرين بها
فقال الفيلسوف: ولكن هذا رأيي
فقال صديقه: ليس لأحد هنا رأي.. أنا صديقك وأحبك.. فانجُ إلى بلد أكثر دفئا من سيبيريا، لقد سمعتهم يهمسون.. وكل شيء يبدأ همسا ولكن الأعمال صارخة
الوجودية والحب
وفي الحب يقول الوجوديون.. الحب هو أن أكون بلا حرية، ولكن بكامل حريتي
ومن ينظر إليه باعتباره متعة جسدية، وهذه النظرة حيوانية خالصة لأن الشهوة تربطنا بالحيوان، ولكن الذي يربط الإنسان هو الحب، والحب مسألة شخصية وليست مسألة حيوانية
وليس في الحب ما هو مشروع أو ما ليس مشروعا، لأن الحب حرية شخصية لا تقيد بقيد، والحب مسألة شخصية، وكل ما هو شخصي لا يخضع لأي قانون.. إنما يخضع للقانون كل ما هو ليس شخصيا
والعمل الفني هو نوع من اللقاء أو نوع من العناق
فالفنان العظيم هو الذي يعانق موضوعه عناقا طويلا..وعلى قدر العناق يكون الأثر الفني
ما هو الفن إذن.. إنه عناق.. إنه حب
إن الفن حب، والوجود حب
والحكمة تقول: قل لي كيف تحب أقل لك من أنت
زبدة القول
كل إنسان فينا وجودي..لأنه هو اللي يختار طريقه ومنهجه في الحياة، وإذا أنا اخترت أن أكون ليبراليا فهذا لا يعني أنني أرفض من يخالفني بالفكر، لأنني يجب أن أحترم حريته واختياراته هو، ومن يقرر أن يكون انتماؤه دينيا يجب أن لا يفرض سيطرته وفكره علي وعلى عقلي فرضا اجباريا.. وجادلهم بالتي هي أحسن وليس قاتلهم
وهذا ما أتمناه
أن يحترم الآخرون اختياراتي وحريتي
أن احترم اختياراتهم وحريتهم، على أن لا يعتدي أحدُنا على حرية الآخر
أن أقرأ الكتاب الذي أريد دون قيود أو منع أو وصاية، لأن لي عقلا يفكر ويختار ويقرر
أن أمارس كل ما أريد دون أن أتعدى على حرية غيري
وبدون لحد يقول لي هذا عيب وهذا ممنوع الناس شيقولون عنا؟
أن و أن و أن .. والقائمة تطول لكن الأهم هو
الاحترااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااام
وكما قال الشاعر
إني عشقت وهل في العشق من باس.. ما مر مثل الهوى شيء على راسي
مالي وللناس كم يلحونني سفها ... ديني لنفسي ودين الناس للناس
سؤال أخير: هل أنت موجود؟
لن أجيب بل أترك الإجابة في مسرحية بيت الدمية للكاتب النرويجي هنريك إبسن وخاصة الحوار الأخير الذي دار بين الزوجة نورا وزوجها هلمر الذي آخذ منه هذه الفقرات
نورا: أقصد أنني انتقلت من بين يدي أبي إلى يديك، ولقيت نفس المصير،كنت أعيش من يدي لفمي، كنت أعيش كالشحاذ تماما...لقد أسأت لي أنت وأبي، إنك أنت الذي أحلت حياتي إلى لا شيء، إلى عدم
هلمر: هذا غير معقول، هذا عقوق منك. ألم تكوني سعيدة قط؟
نورا : لم أكن سعيدة قط
هلمر: لم تكوني سعيدة؟
نورا: كنت مرحة وحسب، وكنتَ أنت تعطف علي، لم يكن بيتنا سوى قاعة استقبال وحديث، وكنتُ هنا الزوجة الدمية كما كنت عند أبي الطفلة الدمية
ويستمر الحوار حتى يصل إلى هذا المقطع
نورا: إنني أولا وقبل كل شيء إنسان مثلك تماما. أو على الأقل أحاول أن أكون إنسانا. إنني أعرف أن أكثر الناس يوافقونك على رأيك،وكذلك يقولون في الكتب، ولكن هذا وذاك لم يعد يقنعني ويجب أن أفكر وحدي ومن جديد، يجب أن أعرف، يجب أن أفهم بوضوح لنفسي وبنفسي
هلمر: ألا تدركين هذا بوضوح؟ أليس لك دين؟
نورا: لم أعد أدري ما الدين؟
هلمر: ماذا تقصدين؟
نورا: إن كل ما أعرفه عن الدين إنه يقول كذا وكذا كل هذا سأبحثه بنفسي من جديد.. سأمحصه.. عندما أقف وحدي

06 نوفمبر 2007

عالم صوفي

هذي رواية صدرت في التسعينات من القرن المنصرم، ونشرت باللغة العربية أواخر القرن هم المنصرم أو بدايات القرن ال"مو منصرم"..لكن المهم إنها صدرت

على فكرة الموضوع طويل واللي ما يحب القراءة لا يكمل البوست

الرواية من تأليف أستاذ الفلسفة جوستاين غاردر وتقع في 550صفحة، وتتحدث عن تاريخ الفلسفة وكيف بدأ الإنسان ينشغل بالأمور، بدءا من التفكير في مسائل ما وراء الطبيعة وصولا إلى الفلسفات الإنسانية الحديثة والمعاصرة
عموما، وبعيدا عن الإطالة والإطناب ومتعمد أقول إطناب
الرواية لها أكثر من مستوى
الأول البسيط وهو الاستمتاع بالتعرف على تاريخ الفلسفة
الثاني التعمق أكثر في الخط الأدبي واللعبة الروائية
الثالث التفكر فيما حدث وممكن حدوثه مستقبلا واستشرافه من خلال التفكير والفلسفة..ولأبدأ
الشخصيات الرئيسية في الرواية
ألبرتو كناكوس، صوفي، هيلد، المايجور موللر كناغ
وشخصيات أخرى

لن أتحدث عن شخصية هيلد والمايجور وسأكتفي بألبرتو وصوفي، علشان لا أحرق كل الرواية لمن يريد قراءتها

تنطلق الرواية أو بمعنى آخر الإهداء بهذه المقولة للشاعر الفيلسوف غوته

الذي لا يعرف أن يتعلم دروس الثلاثة آلاف سنة الأخيرة، يبقى في العتمة

الرواية في بدايتها عبارة عن رسائل يرسلها ألبرتو إلى صوفي الفتاة التي تستعد للاحتفال بعيد ميلادها الخامس عشر
وكانت الرسالة الأولى عبارة عن أسئلة
من أنت؟
من أين جاء العالم؟

ثم يبعث لها رسالة أخرى تتضمن سؤالا آخر

ما هو الشيء الأهم في الحياة؟

ولكي يجعل هذه الأسئلة بسيطة ومحببة إلى صوفي ولا تراها أسئلة سخيفة أو معقدة يقول لها بأن هذه الأسئلة لا تهم الإنسان الفرد بشكل مباشر ولكنها مهمة جدا للبشر

ويجيب على السؤال عن الشيء الأهم في الحياة ويقول
إذا ما وجهنا هذا السؤال لرجل لا يجد ما يشبع جوعه، سيجيبنا إنه الطعام.والذي يرتجف بردا سيقول إنها الحرارة، أما الذي يعاني من الوحدة فسيجد إنها صحبة البشر الآخرين
هل يوجد، رغم كل شيء، أبعد من هذه الحاجات الأولية، ما يحتاجه أيضا جميع الناس؟ الفلاسفة يعتقدون إن الجواب نعم، إنهم يؤكدون أن الإنسان لا يحيا بالخبز وحده..وهم يحتاجون أيضا إلى الحب والحنان..لكن هناك شيئا آخر نحتاج إليه كلنا: هو أن نعرف من نحن،ولماذا نعيش؟

ثم يقول
إنه لمن السهل جدا طرح أسئلة فلسفية من الإجابة عنها.. واليوم أيضا، على كل منا أن يجد إجاباته عن الأسئلة نفسها. لا فائدة من البحث في موسوعة علمية عما إذا كان هناك إله، أو حياة بعد الموت. كذلك فإن الموسوعة لا تدلنا إلى الطريقة التي يجب علينا أن نعيش بها حياتنا، لكن قراءة ما فكر به الآخرون، يمكن أن تساعدنا على تشكيل حكمنا الخاص على الحياة

ثم يضرب مثلا جميلا في الأرنب الذي يخرج من قبعة الساحر فيقول
إنما نحن الأرنب الذي أخرج من القبعة، مع فارق كون الأرنب الأبيض لا يعي أنه يشارك في حلقة شعوذة. أما نحن فأمر مختلف، نحن نشعر أننا نشارك في السر ونحب كثيرا أن نعرف كيف تشابك كل هذا
تكون المقارنة مع الكون أكثر دقة. ولا نصبح نحن إلا دويبات صغيرة ملتصقة في فراء الأرنب. أما الفلاسفة فيحاولون أن يتسلقوا قامة شعره دقيقة كي ينظروا في عيني الساحر

ثم يقول
إن الميزة الوحيدة اللازمة لتصبح فيلسوفا هي أن تندهش
ويقول أيضا
المحزن، أننا نتعود، ونحن نكبر، على أشياء كثيرة غير جاذبية الأرض. ونخلص لأن نرى كل شيء طبيعيا..ويبدو أنه مع العمر، لا يظل هناك ما يدهشنا

ومن كلامه أيضا، فهو حتى هذه اللحظة لم يدخل في تاريخ الفلسفة ولكنه يبرر لماذا الفلسفة ضرورية في حياة البشر، فيقول
مع إن الأسئلة الفلسفية، تخص كل البشر، إلا أنهم لا يصبحون كلهم فلاسفة. لأن أكثر الناس، ولأسباب مختلفة، مشغولون بحياتهم اليومية، إلى حد لا يترك لهم وقتا ليندهشوا أمام الحياة...وإذا شئت، نقول، إنهم يغوصون في فرو الأرنب، ويستقرون هناك نهائيا، مرتاحين جدا

الفيلسوف هو إنسان لم يستطع يوما أن يتعود على العالم. والعالم يظل، بالنسبة له شيئا غير قابل للتفسير، شيئا غريبا، ملغزا...وهكذا يمتلك الفلاسفة، والأطفال، صفة كبيرة مشتركة ويمكننا القول إن الفلاسفة يحافظون طوال حياتهم، على جلد رقيق، كجلد الأطفال

ثم يبدأ الكاتب رحلة الفلسفة أو رحلة تاريخ الفلسفة
والبداية مع الأساطير التي موضوعها الآلهة ومحاولة تفسير الظواهر الطبيعية والإنسانية باختراع الأساطير لأن العلم لم يكن موجودا
ثم يتحدث عن فلاسفة الطبيعة: وأولهم طاليس الذي قال إن الماء أساس كل الكائنات..ثم تلاه أناكسيماندر وقال إن كل شيء يُـخلق يجب أن يختلف عن خالقه..ثم يذكر الفيلسوف الثالث أناكسيماس الذي يقول إن الهواء والضباب هما أصل الأشياء.. أي من أين أتى الماء؟

ثم ينتقل إلى بداية التفكير الفلسفي مع بارمينديس وهيراقليطس، فالأول يرى أن العقل يفسر كون لا شيء يتغير، بينما يؤكد الآخر أن الطبيعة تحول دائم

ثم يقول جملة أخرى عن الفلسفة
الفلسفة ليست شيئا يمكن تعلمه، وإنما يمكن تعلم التفكير بطريقة فلسفية

وانتقل إلى الفيلسوف الثالث ديمقريطس الذي دعا إلى نظرية الذرة فعندما يموت جسد ما شجرة أو حيوان مثلا، فإن الذرات تتفكك من جديد، تتبعثر، ويمكن أن تعود فتتجمع لتشكل أجسادا جديدة..وحتى الروح يرى أنها مؤلفة من بضع ذرات مستديرة وملساء، وعند موت الإنسان تهرب في كل الاتجاهات، وربما تعود فتتجمع من جديد مشكـّـلة روحا جديدة

ثم يدخل في الفلسفة اليونانية باعتبارها التأسيس الأول للفلسفة وبدأ مع سقراط الذي قال عن نفسه: أثينا تشبه حصانا كسولا، وأنا ذبابة تحاول إيقاظها وإبقائها حية، وكذلك قوله أن القدرة على التمييز بين الخير والشر تكمن في عقل الإنسان، لا في المجتمع، وأيضا من المستحيل أن يكون الإنسان سعيدا إذا تصرف على عكس قناعاته..والذي يعرف كيف يكون سعيدا يفعل كل شيء ليكونه، لذلك فإن الذي يعرف الصواب يفعل الصواب
ثم تحدث عن أفلاطون صاحب نظرية الكهف، الظل والحقيقة، عالم الحواس وعالم الأفكار، وهو تلميذ سقراط الذي كتب مقولاته ومحاضراته.. ليأتي دور أرسطو الذي قال إن العقل هو العلاقة المميزة للإنسان

إجابة الامتحان

كانت صوفي تقدم امتحانا في مادة الأديان، لكنها لم تدرس له وحين أجابت على أحد الأسئلة قالت
في أيامنا أصبح البشر من بلدان وثقافات مختلفة، يتمازجون أكثر فأكثر، حيث نستطيع أن نجد في عمارة واحدة مسيحيين ومسلمين وبوذيين. ولذا يصبح أكثر أهمية أن يحترم كل واحد معتقدات الآخر، من أن يتساءل لماذا لا يماثله في معتقداته

ثم تحدث عن الفترة الهللينية وفلاسفتها، الكلبيون الذين يقولون أن السعادة لا تأت من الأشياء الخارجية بل أن السعادة الحقيقية هي التوصل إلى الاستقلال عن هذه الظروف الخارجية، والرواقيون الذين يقولون أن هناك طبيعة واحدة..فليس هناك تعارض بين المادة والروح
ثم الأبيقوريون الذين يقولون أن على الإنسان أن يقيم موازنة بين إشباع رغبة آنية، وإمكانية تحقيق رغبة أكثر ديمومة، أو أكثر كثافة على المدى البعيد.. ثم تحدث عن الأفلاطونيين الجدد وميولهم الحسية وإيمانهم بالجانب الحسي

مقولة إنسانية
عليك أن تحب قريبك كنفسك، لأنك أنت قريبك.. والوهم هو الذي يجعلك تعتقد أن قريبك هو شيء آخر غير ذاتك

العصور الوسطى
وتحدث عن بداية دخول الدين في الفلسفة بعد المسيح وانتشار المسيحية وكيف سيطرت على الفلسفة في العصور الوسطى في أوروبا..وهنا يقوم ألبرتو بشرح هذه الفترة لصوفي في كنيسة العذراء
وأوضح أن فترة العصور الوسطى أو المظلمة كانت تقرن أو تشبه بالساعات..مثلا القرن الأول بعد الميلاد هو الساعة الواحدة، والقرن الرابع عشر بعد الميلاد هو الساعة الثانية بعد الظهر موضحا لماذا سميت مظلمة

عصر النهضة الأوروبية
ومن أبرز ملامح هذا العصر خروج مارتن لوثر عن الكنيسة الكاثوليكية منطلقا من مبدأ أن بإمكان كل إنسان أن يصبح مرشد نفسه، لذا قام بترجمة الإنجيل إلى اللغة الألمانية ليستطيع كل الناس قراءته

ومن أجمل المقولات هنا
إن الحيوانات تولد حيوانات، أما الإنسان فلا تلده إنسانا، بل تربيه ليصبح كذلك

وبعدها انتقل إلى العصر القوطي أو عصر الباروك موضحا أن مصطلح الباروك مشتق من كلمة برتغالية تعني لؤلؤة غير منتظمة، وفي هذه المرحلة ظهر المسرح الحديث بكواليسه وآلياته

عصر النهضة ورواده
وأول من تحدث عنه الفرنسي ديكارت ومبدأ الشك..أنا أفكر إذن أنا موجود..ثم الهولندي سبينوزا ورفضه لفكرة التناقضات في النصوص المقدسة وقراءتها قراءة نقدية، ولاسيما بعد أن تحولت المسيحية من دين عقل ومحبة إلى أغلال من العقائد الديغماتية المتشددة والطقوس المفرغة من أي معنى، ورغم أن المجتمع اعتبره زنديقا وحاربه، إلا أنه قاتل في سبيل الحرية والتسامح الديني

ويقول جملة رائعة هنا
لا نعيش كبشر أحرار إلا عندما يتاح لنا أن ننمي بحرية كل إمكاناتنا الكامنة

ثم انتقل بعد ذلك إلى الإنجليزي جون لوك كأبرز الفلاسفة التجريبيين، والتجريبي هو الذي يستنتج كل معلوماته عن العالم مما تنقله إليه حواسه
ثم إلى الإنجليزي ديفيد هيوم والإيرلندي جورج بيركلي..لينتقل بعد ذلك إلى عصر التنوير
وهنا تنحو الرواية منحى العبث، حيث نكتشف أن صوفي وألبرتو ما هما إلا فكرة في رواية يكتبها المايجور كناغ إلى ابنته هيلد التي تحتفل بعيد ميلادها الخامس عشر، لتختلط الأحداث بين ما هو في عالم صوفي وما تقرأه هيلد عن رحلة صوفي وألبرتو

وتستمر قصة الفلسفة حيث يذكر أفكار عصر التنوير وهي سبع
التمرد على السلطة
العقلانية
فكر عصر التنوير
التفاؤل الثقافي
العودة إلى الطبيعة
الديانة الطبيعية
حقوق الإنسان


فالفلسفة في عصر التنوير ركزت على الإنسان الفرد وحقوقه وواجباته بعيدا عن التفكير الميتافيزيقي، وحل لغز العلاقة بين المادة والروح وأهم مبادئهم
أن يتمكن كل فرد من التفكير بحرية، والتعبير عن آرائه بحرية..انتقالا من النضال ضد العبودية، إلى تخفيف معاملة المجرمين

حقوق المرأة
ومنها بدأت قصة نضال المرأة لنيل حقوقها. وكانت أول امرأة تقوم بهذا الفعل الفرنسية أوليمب دي غوج عام 1748 حتى إعدامها في عام 1793 لأنها دافعت عن لويس السادس عشر


ثم يتحدث عن فلاسفة آخرين
إيمانويل كانت (كانط)، وبعده الرومانسيون الذين ظهروا في ألمانيا كردة فعل على السلطة المطلقة للعقل، وتبني مصطلحات مثل الشعور..الخيال..التجربة..الحنين، لتكون هذه الفلسفة انطلاق خيالات الفنانين والمبدعين

وبعدها يأتي دور جورج ويلهلم فريدريك هيغل الذي قال أن
فكر العالم أو عقل العالم إنما يعني مجمل الظواهر ذات الطابع الإنساني
ومراحل المعرفة عنده ثلاث هي الطريحة والنقيضة والجميعة
وليوضح هذا الأمر ضرب هذا المثال
عقلانية ديكارت هي طريحة قابلتها كنقيضة تجريبية هيوم، لكن هذا التناقض وهذا التوتر بين نمطي تفكير مختلفين قد تم نفيه وحفظه في جميعة كانت(كانط).. أي يعطي بعض الحق للعقلانيين وبعضه للتجريبيين في نقاط محددة

ثم ينتقل إلى كيركيجارد: المؤسس الفعلي للوجودية، أو أول من مهد الطريق للفلسفة الوجودية إذ يقول :المهم هو وجود كل فرد، ولا يمكن للإنسان أن يعي وجوده من وراء مكتب. فبالفعل، وتحديدا، أمام الاختيارات، نكتشف علاقتنا بوجودنا الخاص

ثم ينتقل إلى كارل ماركس والمادية التاريخية، وكما يقول إن الطبقة المسيطرة هي التي تحدد الخير والشر، فما التاريخ كله إلا تاريخ صراع الطبقات..ثم يشير إلى بيان الحزب الشيوعي في هذه الفقرة فلترتجف الطبقات الحاكمة أمام الثورة الشيوعية.. يا عمال العالم اتحدوا
ثم ينتقل إلى داروين ونظرية النشوء والارتقاء النوعي
ثم ينتقل إلى سيغموند فرويد ونظرية التحليل النفسي التي كانت سببا في ظهور المدرسة السريالية..الأحلام والخيالات وعالم اللا شعور

الحقبة المعاصرة
ومن هذه الفترة يظهر أبرز الفلاسفة
الألماني فريدريك نيتشه.. وكان ضد الهيغلية والتاريخية، بل كان جل تركيزه على الحياة نفسها، وليس الاهتمام المطلق بالتاريخ أو أخلاقيات العبد المسيحي..لقد أراد أن يقوم بعملية "إحالة لكل القيم" كي لا يعيق الضعفاء تفتح الأقوياء. وهو يرى أن المسيحية والتراث الفلسفي، قد حوّلا نظرهما عن العالم الواقعي، وأبرز كلماته
كن وفيا للأرض، ولا تصغِ لمن يعدك بحياة أفضل في العالم الآخر

وبعد ذلك ذكر فلاسفة عدة من الحقبة ذاتها، وخاصة أصحاب الفلسفة الوجودية. مارتن هيدجر وجون بول سارتر، لكنه ركز على سارتر وزملائه مثل ألبير كامو وسيمون دي بوفوار وصوموئيل بيكيت.. ونقل بعض كلمات سارتر
لا يمكن للإنسان أن يرمي مسؤولية أفعاله على غيره أو على أي شيء. علينا أن نتحمل مسؤولية خياراتنا لا أن ندعي أن علينا أن نذهب إلى العمل أو علينا أن نأخذ بعين الاعتبار لياقات المجتمع البرجوازي لنعرف كيف يتوجب علينا أن نعيش. والذي يتقبل هذه الضغوط الخارجية يصبح كائنا مجهولا ويذوب في الجمهور

وبالطبع تحدث عن الفلسفة الوجودية وما تنادي به من حرية للإنسان وما هي القيود التي تقيده إضافة إلى إشارته إلى بعض أعمال سارتر الأدبية والمسرحية


الفلسفة والشعوذة
وتحدثت الرواية عن العصر الحالي وكيف انتشرت فيه بعض كتب التنجيم والشعوذة والخرافات وقال إن السبب هو إنها تروي ما يثير مثل كتب الجنس، لكن الصلة بين الفلسفة الحقيقية وكتب الشعوذة وعالم الأرواح، كالصلة بين الحب الحقيقي والجنس

يوقعنا المؤلف في فخ روايته، لكنني لن أكشف عنه بل أقول إن الرواية لم تنتهِ عند هذا الحد ، لكنني فضلت أن تكون النهاية هنا، لأنها البداية لمرحلة لا نعلم مداها

ولكن أفضل أن أختم بهذه الجملة التي وجهها ألبرتو إلى صوفي

لسوء الحظ أن الإنسان ما أن يهتم بشيء حتى يؤدي ذلك إلى الأفضل أو الأسوأ معا. فيعلن بعضهم أننا دخلنا في عصر جديد. ولكن ليس كل جديد مهم بالضرورة، ولا يفترض أن نرمي كل ما هو قديم. لقد كان هذا سببا من الأسباب التي جعلتني أعطيك دروس الفلسفة هذه. أنت تملكين الآن الخلفية التاريخية الضرورية لاختيار توجهك في الحياة